للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضًا: إذا كان يفر من النار إلى أمرٍ فيه قتله؛ فلا ينبغي أن يفر من موت إلى موتٍ أيسر (١) منه، وقد جاء ما لا يحل له، وإن كان يتحمل رجاء النجاة، لعله يرى قرية (٢) أو يكون الأسر أرجى (٣) أن يُخَلّوهُ (٤) إلى الإسلام؛ فكلٌّ متحمل لأمرٍ يرجو النجاة فيه فلا جناح عليه، وإن عطب فيه (٥).

وقال في قوم إن خرقت سفينتهم، أيثقّل نفسَه فيغرق، أم يلتمس النجاة بالغًا ما بلغ؟ وإن كان بقرب عدو خاف إن عامَ أن يؤسر؟

قال: كلاهما لا أحبهما، وليلبث في مركبه حتى يقضي الله (٦).

وقال أبو الفرج عن مالك: لا حرج على من أظلّه العدو في البحر أن يلقي نفسه فيه (٧).

وكلا هذين القولين ليس بالبين، ولا أرى أن يلقي (٨) نفسه عندما أظلَّه العدو ولا أن يثبت (٩) حتى يموت مع رجاء الأسر؛ لأنه قدّم الموت على الحياة مع الأسر. وأما إذا احترق مركبه بالنار، وكان إن جلس مات بالنار، وإن طرح نفسه مات بالماء؛ فالأمر فيه خفيف؛ لأنه اختار ما هو أخفّ.


(١) في (س): (أشر).
(٢) في (ب): (فرجة).
(٣) في (س) و (ر): (رجاء).
(٤) في (س): (يحملوه).
(٥) قوله: (فيه) ساقط من (ب). وانظر: المدونة: ١/ ٥١٣.
(٦) انظر: المدونة: ١/ ٥١٤، ٥١٣.
(٧) انظر: البيان والتحصيل: ٣/ ٤٤.
(٨) قوله: (ليس بالبين، ولا أرى أن يلقي) ساقط من (ب).
(٩) في (س): (يلبث).

<<  <  ج: ص:  >  >>