للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مالك: إنما أُريد الانتباذ في هذه الأوعية؛ لأنَّها تسرع بوجود الشِّدَّة، ثُمَ وكلهم إلى أمانتهم فيها.

فأخذ مالك بالحديث الأول. وأخذ ابن حبيب بالآخر، وقال: ما كان بين نهيه ورخصته فيها إلا جمعة (١). يريد: لم يكن المنع إلا جمعة، ثم نسخ.

واختُلف بعد القول بمنع الانتباذ في هذه الأوعية: هل يشرب ما نبذ فيها؟ فمنع ذلك محمد، وقال: يؤدب فيه، وفي الخليطين (٢). وسوَّى بينهما في الجواب.

وقال أبو محمد عبد الوهاب: إن سَلِمَ من الشدة فلا بأس (٣). وهو أحسن، وهو في هذا أخف من الخليطين؛ لما رُوي عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - من النص على (٤) إباحته.

وقال ابن القاسم: قال مالك في الخمر تجعل فيها الحيتان، فتصير مُرِيًّا (٥): لا أرى أكله. وكرهه (٦). وقال ابن حبيب: هو حرام. وقول مالك أحسن؛ لأنّ الشدة ذهبت بما طرح فيه وبطول الأمد، كما لو صار خلًّا بشيء طُرِح فيه وأفسد الشدة (٧). ولا فرق بين أن يصير خلًّا بنفسه أو يطرح فيه شيء فيصير


(١) انظر: النوادر والزيادات: ١٤/ ٢٩٠.
(٢) انظر: النوادر والزيادات: ١٤/ ٣٠٤.
(٣) انظر: المعونة: ١/ ٤٧٢.
(٤) قوله: (النص على) في (ب): (النسخ في).
(٥) والمُرِّيُّ: الذي يُؤْتَدَمُ به كأَنَّه منسوب إِلى المَرارَةِ والعامة تخففه. انظر: لسان العرب: ٥/ ١٦٥.
(٦) انظر: المدونة: ٤/ ٥٢٥.
(٧) قوله: (كما لو صار خلًّا بشيء طُرِح فيه وأفسد الشدة) ساقط من (ق ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>