للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوعد فقال: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ}، وعليه عاقب فقال: {بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}، وجاءت السنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل ذلك؛ أمر بالوفاء، وذم على الترك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ الله فَلْيُطِعْهُ" (١). وقال: "خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَنْذُرُونَ وَلاَ يُوفُونَ. . ." الحديث (٢). فقد ذم على الترك، وقال: "لاَ تَنْذِرُوا فَإِنَّ النَّذْرَ إِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الشَّحِيحِ وَالْبَخِيلِ" (٣). فندبنا إلى فعل ما أحب الإنسان أن ينذره بطواعية (٤) فيه من نفسه بغير نذر؛ لأن الغالب من الناذر أنه لا يفعله بطيب نفس، وإنما يفعله لمكان ما أوجبه، وكثيرًا ما يدركه الندم.

ثم أخبر بوجوبه بقوله: "إِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الشَّحِيحِ" فلو كان غير واجب لم يستخرج به.

وقالت امرأة: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: "حُجِّي عَنْهَا. قَالَ: أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمُّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَه، اقْضُوا الله، فَهُوَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ" أخرجه البخاري (٥). فشبهه بالدين، وذلك دليل على وجوبه.


(١) سبق تخريجه في كتاب الصيام في باب فيمن نذر الصيام، ص: ٨٠٣.
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري: ٦/ ٢٤٦٣، كتاب الأيمان والنذور، باب إثم من لا يفي بالنذر، برقم (٦٣١٧)، ومسلم: ٤/ ١٩٦٤، كتاب فضائل الصحابة - رضي الله عنهم -، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، برقم (٢٥٣٥).
(٣) أخرجه البخاري: ٦/ ٢٤٦٣، كتاب الأيمان والنذور، باب الوفاء بالنذر، برقم (٦٣١٥)، ومسلم: ٣/ ١٢٦٠، في كتاب النذر، باب النهي عن النذر وأنه لا يرد شيئًا، برقم (١٦٣٩).
(٤) في (ت): (تطوعًا).
(٥) أخرجه البخاري: ٢/ ٦٥٦، كتاب أبواب الإحصار وجزاء الصيد، باب الحج والنذور عن الميت والرجل يحج عن المرأة، برقم (١٧٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>