كتاب التبصرة للخمي

كتاب النذور والأيمان - باب في تقديم الكفارات قبل الحنث - ج: 4 - ص: 1696

ولو بدا له بعد أن أراد أن يكفرِّ أن ينتقل إلى أن يدخل الدار أو يكلم فلانًا؛ لم يلزمه بالنية المتقدمة شيء.

فأما أن يقال إنه متطوع بالكفارة في جميع ذلك، فلأنها لم تجب، فلا تجزئ، أو أنها تجزئ. وقول مالك في المولي إنها تجزئ. يدخل فيه جميع الأيمان؛ من حلف لأفعلن، أو ليفعلن (١) وضرب أجلًا، أو لم يضرب أجلًا أنها تجزئ، وهو أحسن لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيُكَفِّرْ، وَلْيَأْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ" (٢)، وروي أيضًا عنه، أنه قال: "فَلْيَأْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ" (٣). وكلا الروايتين تتضمن جواز تقديم الكفارة؛ لأن الواو لا توجب رتبة، فتركهم على ما يوجبه اللسان، يقدم الحالف أيهما أحب (٤) الكفارة أو الحنث.

ولو كان تقديم الكفارة لا يجوز؛ لأتى به، وقال: فليفعل، ثم (٥) ليكفر؛ ولأن موضعه البيان؛ فلا يجوز تأخيره حينئذ، ويتركهم على ما يقتضيه (٦) اللسان، والفاء في قوله: "فليفعل، وليكفر"؛ فإنما أبان ما يفعله بعد اليمين،

---

(١) قوله: (لأفعلن، أو ليفعلن) في (ق ٥): (لأفعل أو لأفعلن).
(٢) متفق عليه، البخاري: ٦/ ٢٤٤٤، في كتاب الأيمان والنذور، برقم (٦٢٤٩)، ومسلم: ٣/ ١٢٧١، في باب نذر من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه، من كتاب الأيمان، برقم (١٦٥٠).
(٣) متفق عليه، البخاري: ٦/ ٢٤٧٢، في كتاب الأيمان والنذور، برقم (٦٣٤٣)، ومسلم: ٣/ ١٢٧١، في باب نذر من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه من كتاب الأيمان، برقم (١٦٥٠).
(٤) في (ق ٥): (أراد).
(٥) قوله: (ثم) في (ب): (و).
(٦) قوله: (يقتضيه) في (ب): (يتضمنه).