للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكَانَ لاَ يَسْتبرِئُ مِنَ البَوْلِ" (١) أي: لا يتوقاه. وقيل: المعنى: لا يستتر من الناس، والأول أحسن؛ لأن الأول حقيقة لقوله: "لا يستبرئ منه"، والثاني مجاز وخروج عن النص. وجميع هذه الأحاديث اجتمع عليه الصحيحان البخاري ومسلم؛ وقال الله -عز وجل- {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ} [التوبة: ٢٨]، فجعل العلة في منعهم المسجد لأنهم في معنى النجس.

قال قتادة: الأنجاس: الأخباث (٢).

إذا منع موضع الصلاة من النجاسة كان منع الصلاة أولى، وأجمع أهل العلم على أن على المصلي ألا يتقرب إلى الله - صلى الله عليه وسلم - بالنجاسة.

واختلف بعد ذلك في إزالة النجاسة على ثلاثة أقوال:

فذهب مالك إلى أن ذلك فرض مع الذكر ساقط مع النسيان، فإن صلى بنجاسة متعمدًا أعاد أبدًا، وإن كان ناسيًا أعاد في الوقت (٣).

وقال ابن وهب: يعيد أبدًا ناسيًا كان أو متعمدًا (٤). وجعل ذلك فرضًا مع الذكر والنسيان.

وقال أشهب: لا إعادة عليه إلا في الوقت ناسيًا كان أو متعمدًا (٥). ورآه


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري: ١/ ٨٨، في باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله، من كتاب الوضوء، في صحيحه، برقم (٢١٣)، ومسلم: ١/ ٢٤٠، في باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، من كتاب الطهارة، برقم (٢٩٢).
(٢) في (س): (الأجناب).
(٣) انظر: المدونة: ١/ ١٣٨.
(٤) انظر: البيان والتحصيل: ١/ ٤١.
(٥) انظر: البيان والتحصيل: ٢/ ٧٨، قال ابن رشد: (وقد روى البرقي عن أشهب أن من صلى بثوب نجس عامدًا، فلا إعادة عليه إلا في الوقت).

<<  <  ج: ص:  >  >>