وقيل: نزلت الآية في عبدة الأوثان خاصة؛ لأنه لم تجر العادة في اليهود والنصارى أنهم يسمون مشركين، ويدل على ذلك قوله سبحانه:{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ}[البينة: ١]، وقوله -عز وجل-: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ}[البينة: ٦]، ولقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}[الحج: ١٧] فنزل القرآن على مشهورٍ متعارفٍ كان عندهم، وإن كان الآخرون مشركين وقال تعالى سبحانه:{تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[النحل: ٣]، ولم يكونوا يسمون بذلك، فعلى هذا يكون أهل الكتاب لم يتقدم لهم ذكر، ولم يدخلوا في عموم قوله:{وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ}.
وأما من منع وطء الأمة الكتابية على وجه الزوجية فاحتج بآية النساء بشرط الله سبحانه الإيمان وبآية المائدة بشرط الله تعالى الحرية، ولا حجة في الجميع، فأما آية النساء فإنها تضمنت الانتقال من الحرة المؤمنة إلى الأمة المؤمنة، وظاهرها يقتضي منع الكافرة، حرة كانت أو أمة.
ونحن نقول بجواز نكاح الحرة الكتابية مع القدرة على نكاح الأمة المؤمنة, وهذا يغني عن سقوط الاحتجاج بذلك، إذ ليس عليه العمل، بل يقدم نكاح الحرة الكتابية على الأمة المؤمنة، لئلا يرق ولده وإن لم يخش عنتًا