للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليها احتمالٌ (١).

فإذا تقرَّر هذا فكل ما يُنقل من خلافٍ عن أصحاب مالك؛ إن كان في مقابل قول الإمام طُرِحَ من جانب المقلِّد؛ لأنهم ليسوا بمجتهدين، وإنما ساغ لمثلهم خلاف مالك وهم مُقلِّدوه للمسألة المرسومة في كتب الأصوليين بتجزُّؤ الاجتهاد. أمَّا المقلِّد الذي ليس هو بأهل لطُرق التَّرجيح والتَّشهير فلا يعمل بغير نصِّ الإمام؛ ولذا أخرجنا القول باستحباب صيام السّتّ من شوال مطلقًا وعزوِ خفاء الحديث عن الإمام مالك من وجوه المذهب؛ لأنه اختيار لمالك لا رأيٌ له مذهبي، فتأمل!

أما إذا اختلف المنقول عن الإمام وتعارض، تأتي مسألة تعيين الرَّاجح والمشهور.

قالوا: الرَّاجح: ما قَوِيَ دليلُه. والمشهور ما كَثُرَ قائله. وقيل بعكسهما، أي الرَّاجح ما كثر قائله والمشهور ما قوي دليله (٢). إلاّ أن الاستعمال الصَّواب المُستقر عليه في الراجح هو ما قوي دليله. أما المشهور فبحثه يطول. لكن من المستحسن تبيين أن الذي يَهْتَبِل بمسألة تعيين الرَّاجح والمشهور والتَّقديم بينهما ليس هو المُقلِّد العارف ببعض كتب المذهب مع نظرٍ قليل في الأدلة؛ بل فيمن كانت له أهلية الاجتهاد، والعلم بالأدلَّة وأقوال العلماء وأصول مآخذهم، فإن هذا له تعيين المشهور، وأما من لم يبلغ هذه الدَّرجة وكان حَظُّه من العلم نقل ما في الأمهات؛ فليس له ذلك، ويلزمه الجريان على ما نُصَّ أنه مشهور المذهب.


(١) انظر: كفاية المحتاج لمعرفة من ليس في الديباج، للتنبكتي، ص: ٢١٦.
(٢) انظر: أسهل المدارك شرح إرشاد السالك، للكشناوي: ٣/ ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>