للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لرغبتهم في الفداء، فقال: "لاَ عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا" (١)، فلو كان محمل الإنزال على الحمل لم يقل ذلك، فإذا أشكل الأمر لم يعجل بالطلاق ولم ترتفع عصمته بالشك، ولأن في مقابلة طلاقها بالشك إباحتها لآخر بالشك فكان بقاؤها أولى من إباحتها بالشك، واختلف في الموارثة هل يتوارثان؛ لأن الأصل الزوجية، فلا تسقط بالشك أو لا يتوارثان؛ لأنها وارثة بالشك، وفرق سحنون فقال: إن ماتت لم يرثها وإن مات ورثته، يريد: إذا تبين أنه كان بارًّا، وإن تبين أنه حانث لم ترثه لأنها الباقية بعده فيعلم هل هي حامل أم لا؟ (٢) وهذا إذا كانت يمينه بالثلاث، وعليه يحمل قول مالك في المدونة، ولو كانت يمينه بطلقة توارثا قولًا واحدًا؛ لأنه وإن كان حانثًا فهو طلاق رجعي، فإن مات الزوج قبل أن يظهر هل هي حامل أم لا؟ كان موته في العدة، وكذلك إن كانت هي الميتة فإنها ماتت وهي في عدة منه؛ لأنها على أحد أمرين: إما أن تكون حاملًا فالعدة وضع الحمل، وإما أن تكون (٣) غير حامل فالعدة بالحيض، فإن مات ثم حاضت انتقلت إلى عدة الوفاة، فالموارثة بينهما على كل حال.

واختلف إذا قال: إذا حملت فأنت طالق، وهي غير ظاهرة الحمل، فظهر لها (٤) بعد ذلك حمل، هل يحنث به أو لا يحنث إلا بما يكون عن إصابة بعد قوله ذلك، فقال ابن القاسم: لا يمنع من وطئها، فإذا وطئها مرة وقع عليها


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري: ٢/ ٧٧٦، في باب بيع الرقيق، من كتاب البيوع، برقم (٢١١٦)، ومسلم: ٢/ ١٠١٦، في باب حكم العزل، من كتاب النكاح، برقم (١٤٣٨)، ومالك: ٢/ ٥٩٤، في باب ما جاء في العزل، من كتاب الطلاق، برقم (١٢٣٩)، من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: البيان والتحصيل: ٦/ ٣٩١، ٣٩٢.
(٣) قوله: (وإما أن تكون) فى (ح) و (س): (أو).
(٤) قوله: (فظهر لها) فى (ح) و (س): (فظهرت بها).

<<  <  ج: ص:  >  >>