للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امتنع الأول مع (١) الشك مع كونها حلالًا في الأول- كان الثاني أولى بالمنع؛ لأنه في شك من زوال عصمة الأول، فكان بقاؤها مع الأول بالشك أولى من إباحتها للآخر بالشك، إلا أن يوقع الأول عليها طلاقًا، فإن لم يفعل جبر على ذلك على قوله في المدونة، ولم يجبر على قوله في كتاب ابن حبيب، فإن لم يجبر وقف عنها، فرفعت أمرها إلى السلطان لأجل وقوفه عنها، وقالت: عليَّ في ذلك ضرر- طلق عليه الحاكم. فحرمها مالك في القول الأول؛ لأنه شاك في نفس المتناول هل هو حلال أو حرام؟ فأشبه من شك في الذكاة. ولم يحرمها في القول الآخر؛ لأنها في الأصل حلال بالزوجية، ففارق ما يفتقر إلى الذكاة؛ لأن الأصل فيها التحريم وعدم الذكاة حتى يثبت (٢) أنه ذكي.

واختلف عنه في المتوضئ يشك في انتقاض طهارته، فقال مرة: يجب عليه الوضوء ولا يستفتح الصلاة إلا بطهارة متيقنة (٣)، وقال مرة: يستحب ذلك؛ لأنه على طهارة فلا يسقط حكمها بشك.

واختلفت ألفاظ حديث النعمان في المشتبهات، فجعله مرة كالراعي حول الحمى وقال: "يوشك أن يقع فيه" (٤)، فلم يجعله كالراعي في الحمى فيكون محرمًا، ومنع الرعي (٥) حوله حِمَاهُ خوف أن يقع في الحرام، وهو الحمى، فيكون


(١) فى (ح) و (س): (على).
(٢) فى (ح) و (س): (يعلم).
(٣) انظر: البيان والتحصيل: ٢/ ٨٢.
(٤) متفق عليه، أخرجه البخاري: ١/ ٢٨، في باب فضل من استبرأ لدينه, من كتاب الإيمان، برقم (٥٢)، ومسلم: ٣/ ١٢١٩، في باب أخذ الحلال وترك الشبهات من كتاب المساقاة، برقم (١٥٩٩)، من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه -.
(٥) فى (ب): (الراعي).

<<  <  ج: ص:  >  >>