للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشعبي وأبو قلابة والزهري وقتادة وأبو حنيفة وصاحباه (١)، واحتج من نصر القول الأول بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "حُمِلَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" أخرجه البخاري ومسلم (٢)، وروي عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لاَ طَلاَقَ فِي إِغْلاَقٍ" (٣)، قيل: معناه في إكراه، فطلاق المكره على ثلاثة أوجه يسقط في وجهين ويثبت في ثالث، فإن جعله نطقا بغير نية لم يلزمه، والصحيح من المذهب فيمن وقع منه الطلاق بغير نية أن لا يلزمه، وإن لم يكن مكرها فهو في المكره أبين، وإن نوى الطلاق وهو عالم ذاكر بأن يجعله لفظا (٤) بغير نية لزمه؛ لأن النية لا تدخل تحت الإكراه وهو طائع بالنية، وإن لم تكن مهلة عند الإكراه فيجعله نطقا بغير نية، أو كان يجهل إخراج النية لم يلزمه على الظاهر من المذهب، وقد يحمل الاختلاف، وقول من ألزمه الطلاق على هذا القسم.

والإكراه على وجوه وهو أن يكره على إيقاع الطلاق، أو على أن يحلف بالطلاق أن لا يفعل شيئا، ثم يفعله طوعا أو على أن يحلف ليفعلن فلا يفعل، وكذلك إن (٥) حلف بالطلاق أن لا يفعل شيئا، فأكره على فعله مثل أن يحلف أن لا يدخل دار فلان فحمل حتى أدخلها، أو أكره حتى دخلها بنفسه أو حلف ليدخلنها في وقت كذا، فحيل بينه وبين ذلك حتى ذهب الوقت فهو في جميع


(١) انظر: النوادر والزيادات: ١٠/ ٢٥٤، ٢٥٥.
(٢) لم أقف عليه في الصحيحين، والحديث سبق تخريجه في كتاب الطهارة، ص: ١٨٥.
(٣) أخرجه أبو داود: ١/ ٦٦٦، في باب في الطلاق على الغلط، من كتاب الطلاق، برقم (٢١٩٣)، بلفظ: (غلاق)، وابن ماجه: ١/ ٦٦٠، في باب طلاق المكره والناسي، من كتاب الطلاق، برقم (٢٠٤٦)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٤) قوله (لفظا) في (ب): (نطقا).
(٥) قوله (إن) في (ح) و (س): (إذا).

<<  <  ج: ص:  >  >>