للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغير صلاة ولا مُؤد لتلك العبادة. وإن كانا قادرين على استعمال الماء بعد ذهاب الوقت، فقدم الله سبحانه فضيلة الوقت على فضيلة الطهارة بالماء. وهذا المعنى موجود في الحاضر الصحيح، وإنما خصّ الله -عز وجل- المريض المقيم والصحيح المسافر دون الحاضر الصحيح؛ لأن الغالب عدم الماء لمثلهما، وليس ينزل ذلك بالصحيح الحاضر إلا نادرًا، فإذا نزل به مثل ذلك ألحق في الحكم بهما.

ثم لا يخلو الصحيح المقيم من أربعة أحوال:

إما أن يكون عادمًا للماء فإن طلبه في طرف المدينة خرج الوقت، أو واجدًا للماء عادمًا للآلة التي ينزعه بها، أو واجدًا للالة فإن تشاغل بانتزاعه واستعماله خرج الوقت، أو كان في إناء فإن توضأ به (١) خرج الوقت (٢).

وقد تقدم الكلام على عادم الماء، وعادم الآلة التي يتناول بها مثله، أنه يدخل في جملة من لا يجد، ولا فرق بين عدم القدرة على أداء الصلاة والطهارة في الوقت للاشتغال بطلب الماء أو بطلب الآلة.

وأما إذا كانت الآلة موجودة وكان فوت الوقت لاشتغاله بنزع الماء واستعماله، أو لاستعماله من الإناء خاصة، فلا يقع (٣) عليهما اسم العدم، ولا أنهما (٤) غير واجدين، إلا أنهما يتساويان في أنهما متى اشتغلا بشيء من سبب الطهارة بالماء خرج الوقت، وقد استقرئ من كتاب الله -عز وجل- فضيلة الوقت على فضيلة الطهارة بالماء، فلم يفترق أن يكون ذلك لسبب الماء أو لسبب استعماله، وهذان الوجهان يشترك فيهما المقيم والمسافر، وقد قال مالك في "المدونة" في الذي يأتي البئر آخر الوقت فإن نزع الماء بالرِّشاء (٥) وتوضأ خرج الوقت:


(١) قوله: (به) سا قط من (ش ٢).
(٢) انظر: النوادر والزيادات: ١/ ١١٠.
(٣) في (س): (يقم).
(٤) قوله: (لا أنهما) يقابله في (س): (لأنهما).
(٥) الرِشا: بكسر الراء وفتح الشين- وهو الحبل وجمعها أرشية انظر: شرح غريب ألفاظ المدونة، للجُبِّي، ص: ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>