للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخصب زرع (١).

فأخذ أشهب بالقول الأول، وأنكر قول ابن القاسم أن له أن يبيع خصب أرضه، وقال: الكلأ يخرجه الله -عز وجل- عشبًا لعباده، كالماء العذب الذي يخرجه الله تعالى على وجه الأرض، فلا يملك ولا يباع، ويجوز له أن يذب عنه ويحميه عند حاجته إليه، إلا أن يجزه ويحتمله فيبيعه، وأما قائمًا فلا، ولو جاز هذا لجاز للإمام في أرض العنوة أن يبيع كلأها حتى يجعلها كالسواد، وأخذ سحنون بالقول الآخر، وقال له أن يمنع مراعي أرضه وحيتان غديره؛ لأنه في ملكه (٢).

قال الشيخ - رضي الله عنه -: قد جاء الحديث "لَا يُمْنَعُ فَضْلُ المَاءِ" (٣)، و"لاَ يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ وَفَضْلُ المَاءِ" (٤)، ونقع البئر مما يملك، فإذا لم يكن له منع؛ لأنَّ منع ذلك يضر بغيره ولا ينفعه لأنه يذهب تحت الأرض، فكذلك الكلأ فيما يملك إذا كان بموضع لا يباع فيه، وإن منع يبس وفسد، ولم يحتجه فيما يستقبل، فإنه يجبر على تسليمه بغير شيء، إلا أن يكون صاحبه يحصده (٥)، ويحتمله للبيع فيكون أحق به كما قال أشهب، ويفارق فضل الماء لأن هذا قادر على أن يتموله، وفضل الماء يذهب تحت الأرض فلا ينتفع به، وعند ابن مزين: له أن


(١) انظر: النوادر والزيادات: ١١/ ١٩، ٢٠.
(٢) انظر: النوادر والزيادات: ١١/ ٢٠، ٢١.
(٣) سبق تخريجه، ص: ٣٢٦٩.
(٤) أخرجه مالك في الموطأ: ٢/ ٧٤٥، في باب القضاء في المياه، من كتاب الأقضية، برقم (١٤٢٨)، والبيهقي في سننه: ٢/ ١٥٢، في باب ما جاء في النهي عن منع فضل الماء، من كتاب إحياء الموات، برقم (١١٦٢٦).
(٥) في (ق ٢): (يجذه).

<<  <  ج: ص:  >  >>