للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسجد، قال: فلا أذان لهم إلا المسافر (١).

وقال ابن المسيب ومالك: وإن أقام فحسن (٢).

وهذا هو الصواب؛ لأن الأذان لم يكن لنفسه، وإنما جعل ليدعى به الغائب للصلاة، وقد كانت صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير أذان، فلما كثر الناس أرادوا أن يجعلوا علمًا يجتمع له الناس؛ فقال بعضهم: نوّروا نارًا، وقال بعضهم: نجعل ناقوسًا كناقوس النصارى، وقال بعضهم: قرنًا كقرن اليهود، فأري هذا الأذان في المنام فدعوا إلى الصلاة بالقول: حي على الصلاة، حي على الصلاة، واستفتح بذكر الله وختم به، وهو شأن العرب أن يستفتحوا كلامهم بذكر الله (٣).

وإذا كان ذلك لم يكن لأذان الفذ وجه؛ لأنه لا يدعو أحدًا (٤)، وحَسُن في المسافر لما جاء فيه أنه يصلي خلفه الجبال من الملائكة (٥)، فصار في معنى الجماعة.

والخامس: الأذان للفوائت والسنن كالعيدين والخسوف (٦) والاستسقاء والوتر وركعتي الفجر وأذان النساء للفرائض، فذلك مكروه؛ فأما الفوائت


(١) انظر: النوادر والزيادات: ١/ ١٥٨، ١٥٩.
(٢) انظر: النوادر والزيادات: ١/ ١٥٩، ولفظه: (إن أقام فواسع).
(٣) هذان حديثان أولهما إلى قوله: (كقرن اليهود. .) متفق عليه، أخرجه البخاري: ١/ ٢١٩ في باب بدء الأذن، من كتاب الأذان، برقم (٥٧٩)، ومسلم: ١/ ٢٨٥ في باب بدء الأذان، من كتاب الصلاة، برقم (٣٧٧)، وأما الرؤيا فوقعت لعبد الله بن زيد - رضي الله عنه - وليست في الصحيحين، أخرجه أبو داود: ١/ ١٨٩ في باب كيف الأذان، من كتاب الصلاة برقم (٤٩٩)، وابن خزيمة: ١/ ١٩٦ في باب الترجيع في الأذان، من كتاب الصلاة، برقم (٣٧٩).
(٤) قوله: (لأنه لا يدعو أحدًا) ساقط من (ر) و (ش ٢).
(٥) قوله: (الجبال من الملائكة) ساقط من (س)، وقد سبق تخريجه، ص: ٢٤٦.
(٦) الخسوف والكسوف: في الشمس والقمر قولان فصيحان. انظر: شرح غريب ألفاظ المدونة، للجُبِّي، ص: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>