للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأرى إن أطلق الحبس أن يرجع ملكًا؛ لأن معنى الحبس حبس الرقاب لتقبض المنافع، فإذا قبضت وانقضت بموت المعطى عاد إلى صاحبه ولا يخرج عن ملكه إلا ما أعطاه؛ ولأن حياة المعطى أجل، ولا فرق بين قوله حياته وسكوته عن ذلك؛ لأن قوله على فلان يتضمن حياته، وكذلك إذا قال حبس صدقة ويعود ملكًا؛ لأن الحبس على معين يحتمل أن يريد به وجه المحبس عليه أو وجه الله -عز وجل-، فإذا قال: صدقة أبان أنه أراد به وجه الله -عز وجل-، ولا يفيد أكثر من ذلك، وليس يفهم منه زيادة مدة ولا قوم (١) آخرين، ولا يختلف أن هذه الكلمة لم توضع لشيء من ذلك.

وقوله: "لا تباع ولا تورث" مشكل يحتمل أن يريد لا تباع ولا تورث أبدًا، أو حتى يستوفي هذا ما جعلت له أَوْجَبْتُ ألا أبيعه، ولا يورث عني حتى يستوفي حبسه، فإن كان حيًّا سئل ما أراد، فإن مات قبل أن يسأل حمل على (٢) أن ذلك ما عاش المحبس عليه، ولم يسقط حقه في المرجع بالشك إلا أن تكون العادة ألا يباع ولا يورث أبدًا.

وقال عبد الملك في المبسوط: إن قال في صدقته: "حبسًا" ولم يزد فهي عمرى، وإن قال: صدقتي هذه على فلان وهي محبسة، لم ترجع من بعده إلا أن يقول عليه، ولو قال: صدقة محبسة وفلان يأخذها ما عاش، فإنها حبس (٣).


(١) قوله: (ولا قوم) في (ف): (ولأقوام).
(٢) قوله: (على) ساقط من (ف).
(٣) انظر: النوادر والزيادات: ١٢/ ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>