للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متغربًا- أعظم لأجره.

وأما الهبة، فقال مالك في كتاب محمد فيمن حمل على فرس، قال: إن لم يكن للسبيل ولا للمسكنة فلا بأس أن يشتريه (١). يريد: إن لم يكن صدقة. وقال أبو محمد عبد الوهاب: يكره ذلك (٢)؛ لأن الوهوب أو المتصدق عليه قد يستحي فيسامحه فيها، فيكون رجوعًا في ذلك القدر، وهذا أحسن، وليس من مكارم الأخلاق أن يرجع في هبته، وإن كانت الصدقة أبين.

وأما إن لم يكن ذلك لرغبة من المتصدق ولا من الواهب، وإنما هو بسؤال من المتصدق عليه أو من الموهوب له- جاز له؛ لأن ذلك يرجع إلى أنه معروف ثانٍ، ومكارمة من المهدي، وقد أُهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - خميصة لها أعلام ثم ردها إلى صاحبها لما ألهته أعلامها في الصلاة (٣)، وكذلك فعل معاذ، لم يكن بحرص من المعطي على بقاء الأول، وإنما كان ذلك طلبًا لرضا المعطى، وقد يستخف هذا في الهبة دون الصدقة.

ويختلف في العارية والعرية، وإذا أخدم عبدًا أو أسكن دارًا أو غير ذلك


= رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتدَّ بي، فقلت: إني قد بلغ بي من الوجع وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة أفاتصدق بثلثي مالي. . . الحديث) أخرجه البخاري: ١/ ٤٣٥، في باب رثى النبي - صلي الله عليه وسلم - خزامة بن سعد، من كتاب الجنائز، برقم (١٢٣٣)، ومسلم: ٣/ ١٢٥٠، في باب الوصية بالثلث، من كتاب الوصية، برقم (١٦٢٨)، ومالك في الموطأ: ٢/ ٧٦٣، في باب الوصية في الثلث لا تتعدى، من كتاب الوصية، برقم (١٤٥٦).
(١) انظر: النوادر والزيادات: ١٢/ ١٩٦.
(٢) انظر: المعونة: ٢/ ٥٠٤.
(٣) أخرجه البخاري: ١/ ١٤٦، في باب إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها، من كتاب الصلاة, برقم (٣٦٦)، ومسلم: ١/ ٣٩١، في باب كراهة الصلاة في ثوب له أعلام، من كتاب الصلاة، برقم (٥٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>