للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المأموم فإنه لا يقرأ إذا جهر إمامه (١)، واختلف إذا أسر، فقال مالك وابن القاسم: يقرأ، وقال ابن وهب: لا يقرأ خلفه، وحكى محمد بن المواز عن أشهب أنه لم يكن يقرأ خلف الإمام (٢).

وقال محمد بن عبد الحكم: يقرأ خلف الإمام، فإن لم يفعل أجزأه؛ لأن الناس مجمعون على أن من أدرك الإمام راكعًا فركع معه أنها تجزئه، ويعتد بها، فلو كان تارك القراءة خلف الإمام لا يعتد بها- لم تجزئه هذه الركعة.

قال الشيخ -رحمه الله-: اختلف الناس في القراءة خلف الإمام على ثلاثة أقوال: فقيل: عليه أن يقرأ، جهر الإمام أو أسر. وقيل: لا يقرأ على حال. وقيل: إن جهر لم يقرأ، وإن أسر قرأ.

واحتج من ألزم القراءة في الحالتين بأحاديث الأول: "لاَ صَلاَةَ لمِنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ" (٣)، وحمل الحديث على عمومه في الفذ والإمام، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ صَلاَةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ القُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ، فَهِيَ خِدَاجٌ، غَيْرُ تَمَامٍ". قيل: يا أبا هريرة، إني أكون أحيانًا خلف الإمام. قال: اقرأ بها في نفسك يا فارسي (٤).

وفي الترمذي قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الصبح فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال: "إِنِّي أَرَاكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ؟ " قلنا: إي والله يا رسول الله، قال: "فَلاَ تَفْعَلُوا إِلاَّ بِأُمِّ القُرْآنِ، فَإِنَّهُ لاَ صَلاَةَ إلا بِهَا" (٥)، وهذا حديث صحيح.


(١) انظر: الموطأ: ١/ ٨٤، وما بعدها.
(٢) انظر: النوادر والزيادات: ١/ ١٧٩.
(٣) سبق تخريجه، ص: ٢٦٦.
(٤) أخرجه مالك في الموطأ: ١/ ٨٤، في باب القراءة خلف الإمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة، من كتاب الصلاة، برقم (١٨٨).
(٥) (حسن) أخرجه الترمذي: ٢/ ١١٦ في باب ما جاء في القراءة خلف الإمام، من كتاب =

<<  <  ج: ص:  >  >>