المتأمل لهاتين النسختين - أعني نسخة مكتبة الدولة ببرلين ونسخة المكتبة الوطنية بفرنسا - يدرك عدم صحة ما درج عليه المفهرسون من نفي وجود نسخة كاملة لتبصرة اللخمي؛ اللهم إلا إن حملنا النفي على عدم وجود نسخة كاملة من هذا الديوان في مِصْرٍ واحدٍ أو مكتبةٍ واحدة، ولكن بضم نسخة المكتبة الملكية ببرلين إلى نسخة المكتبة الوطنية بباريس؛ تبرز لنا التبصرة في نسخة كاملة غير ملفقة، بل هي بخط ناسخٍ واحد - هو من نَسَخَ القَدْرَ الموجود منها في برلين والجزأين الأخيرين من القدر الموجود في باريس - على الأقل كما هو مصرَّح به بقلمه في ختام هذه الأجزاء - وكانت هذه النسخة في حيازة مالك واحد هو العباسي الذي سمَّاه الناسخ، ونعتَه بما يفيد كونه من أهل العلم وذوي الرُّتَب العليا، وقد لفت نظري إلى هذه الملاحظة - أوَّلَ الأمر - الأخُ الأستاذُ عبدُ المنعم عبد الله الباحثُ -سابقًا- في مركز نجيبويه أثناء اشتغاله بإعداد دراسة كوديكولوجية لبعض مخطوطات التبصرة؛ فجزاه الله خير الجزاء وأجزلَه.
النسخة الثالثة: نسخة تازة المرموز لها بالرمز (ت):
وهي نسخة أثَّرَت فيها الرطوبة والأرضة، يُحفَظ أصلها في المسجد الأعظم بتازة تحت الرقمَين (٢٣٥) و (٢٤٣)، وما وقفنا عليه منها يقع في ثلاثة أجزاء تحتوي على (٤٨٤) لوحة غير مرتبة، وهي من القطع الكبير، عدد مسطراتها سبعة وعشرون سطرًا، في كل سطرٍ ست عشرة كلمة في المتوسط، كتبت بخط مغربي، وميزت رؤوس الكتب والأبواب والفصول فيها بخط كبير، وقد ميزت بعض كلماتها بمداد أحمر وخط مختلف، كقوله:(قال مالك)،