واختلف في المرأة تبتدئ العصر، وقد بقي لغروب الشمس مقدار ركعة فلما صلتها وغربت الشمس حاضت، هل يكون عليها قضاء تلك الصلاة أم لا؟ وألا شيء عليها أشهر في هذا الأصل، والثاني أقيس، وليس الحائض تطهر كالطاهر تحيض؛ لأن تلك لضرورة، وهذه مختارة، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الحائض تطهر إذا بقي عليها للغروب مقدار ركعة أن تصلي العصر؛ لأنها مدركة للركعة، ولا يصح أن تأتي بها بانفرادها، فأُمِرَتْ أن تأتي بها على كمالها، وهذه مختارة للتأخير، ولا أعلم بين الأمة خلافًا أنها مأمورة أن تأتي بجميع أربع ركعات في العصر قبل الغروب، وبجميع الركعتين في الصبح قبل طلوع الشمس، وأنها إذا أخرت إحدى هاتين الصلاتين حتى بقي لطلوع الشمس أو غروبها مقدار ركعة أنها مؤثمة.
وقال بعض المتأخرين: إن الثلاث ركعات إذا صليت بعد ذلك قضاء فكذلك أنها في ذلك قاضية. وهو الصحيح (١). وإذا حاضت وقد بقي لطلوع الشمس أو غروبها مقدار ركعة - قضت جميع تلك الصلاة؛ لأنه لا يصح أن تأتي بقضاء ما في الذمة بانفرادها بثلاث ركعات من العصر ولا بركعة من الصبح؛ فوجب أن تأتي بجميع تلك الصلاة.
ويلزم على هذا فيمن خرج مسافرًا لمقدار ركعة لغروب الشمس ولم يصلِّ العصرَ أنه يصلي أربعًا؛ لأن ثلاثًا في الذمة، وهو فيها في معنى القاضي، بخلاف الحائض تطهر لمقدار ركعة ثم تسافر.
وقال أبو محمد عبد الوهاب في الإشراف: إذا مضى بعد الزوال قدر أربع
(١) قوله: (فكذلك أنها. . . وهو الصحيح) ساقط من (س).