للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويختلف على هذا في الصلاة على الغريق وغيره ممن هو غائب، فعلى قول مالك لا يصلى عليه، وقال عبد العزيز بن أبي سلمة: يصلى على الغريق ومن أكله السبع كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في النجاشي (١)، وقال ابن حبيب: قال غيره: هذا من خواص النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يصل أحد على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ما ووري (٢)، وقيل يمكن أن يكون رفع النجاشي للنبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال الشيخ - رضي الله عنه -: القول بجواز الصلاة على الغائب أحسن، للحديث في النجاشي، ولو كان ممنوعًا لم يفعله (٣) النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان جائزًا له (٤) خاصة لأبانه لأمته؛ لأنه عالم أن أمته تقتدي بأفعاله، ولم يكن ليتركهم على فعل ما لا يجوز، فتركه إياهم مع ظاهر فعله دليل على أنه أجاز فعل (٥) ذلك لهم، ولا يعترض هذا بأنه رفع له؛ لأنه لم يأت بذلك حديث، وإنما قيل: يجوز ذلك، ومحمله على أنه لم يرفع حتى يعلم أنه رفع (٦)، ولو كان الجواز لأنه رفع له لَأَبَانه، ولا يعترض أيضًا بترك الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن ووري؛ لأن ذلك داعية إلى ما حذر منه عند موته في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَخذُوا قُبُورَ أَنبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ" (٧).


= على العظام وعلى الرءوس، من كتاب الجنائز، برقم (١١٩٠١، ١١٩٠٠).
(١) قوله: (في النجاشي) يقابله في (ش): (بالنجاشي). والحديث تقدم تخريجه, ص: ٦٥٠.
وانظر: النوادر والزيادات: ١/ ٦٢٠، والبيان والتحصيل: ٢/ ٢٨١.
(٢) انظر: النوادر والزيادات: ١/ ٦٢١.
(٣) في (ش): (يفعل).
(٤) قوله: (جائزًا له) يقابله في (ش): (له جائزة).
(٥) قوله: (فعل) ساقط من (ر) و (ش).
(٦) قوله: (حتى يعلم أنه رفع) ساقط من (ر).
(٧) متفق عليه, أخرجه البخاري: ١/ ٤٤٦، في باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، من =

<<  <  ج: ص:  >  >>