للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشهب: إن أغمي عليه أكثر النهار يقضي استحسانًا, ولو اجتزأ به رجوت أن يجزئه (١)، وقال ابن وهب: يجزئه.

قال الشيخ - رضي الله عنه -: وأرى أن لا يجزئه إلا أن يغمى عليه بعد الفجر أيسر النهار فيكون قد انعقد (٢) له أوله وتقرب إلى الله سبحانه بإمساك معظمه، ويعفى عما أغمي عليه فيه لقلته، ولا يجزئه إذا كان الإغماء قبل الفجر؛ لأنه لم يكن حينئذٍ من أهل التكليف، وهو بمنزلة المجنون وليس بمنزلة النائم؛ لأن النائم مخاطب ويقضي الصلاة وهذا لا يقضيها؛ لسقوط الخطاب عنه، وهو بمنزلة الصبي يحتلم في بعض النهار، وقول ابن حبيب: إن للمغمى عليه أن يأكل بقية يومه (٣) مما يؤيد هذا، وأن لا يجزئه إذا كان الإغماء بعد الفجر نصف النهار أو أكثره؛ لأن المراد من الصائم حبس نفسه عن الملاذ من طعام أو شراب وغير ذلك حسبة لله وابتغاء مرضاته، وهذه صفة لا توجد من المجنون ولا المغمى عليه، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - مخبرًا عن ربه -عز وجل- في الصائم: ". . . يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِى. . ." الحديث (٤)، وقيل في معنى قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: ٤٥]: إنه الصوم، ويجري الجواب في المجنون إذا جُنَّ قبل الفجر أو بعده أيسر النهار أو أكثره على ما تقدم في المغمى عليه، وإن طلع الفجر على من به سكر أذهب عقله لم يجزئه صومه ذلك اليوم ولم يجز أن يفطر بقيته وإن كان غير جاز عنه.


(١) انظر: النوادر والزيادات: ٢/ ٢٧.
(٢) في (س): (استقر).
(٣) انظر كلام ابن حبيب في: النوادر والزيادات: ٢/ ٢٢.
(٤) سبق تخريجه، ص: ٧٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>