للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا حديث صحيح ذكره الترمذي. فاقتضى قوله: "هاتوا" دَفْعَها إليه. فإن كان قوم ليس لهم والٍ (١)، أو كان غيرَ عدلٍ، كان إنفاذها إلى أصحاب الأموال ويقومون فيها مقام الإمام. فإن مكنوا منها الإمام إذا كان غير عدل مع القدرة على إخفائها عنه لم تجزئ (٢)، ووجب إعادتها.

واختلف إذا أراد أصحابها إنفاذها مع وجود أئمة العدل، أو مكّنوا منها الإمام إذا كان غير عدل من غير إكراه مع القدرة على إخفائها عنه، هل يجزئ أم لا؟ فإن كان لهم إمام عدل وشغل عن البعثة فيها وعن النظر في إخراجها كان لأصحاب الأموال أن يخرجوا زكاةَ العينِ والحرث، وينفذوها إلى مستحقيها، ولا يحبسوها عنهم، ولا يخرجوا زكاة الماشية وينتظروا بها الإمام. فإن هم أنفذوها ولم ينتظروه أجزأت (٣)، وفيها اختلاف فقال القاضي أبو الحسن ابن القصار فيمن أخرج زكاته مع القدرة ووجود الإمام العدل: أجزأت في الأموال الباطنة، ولم تجزئهم في الأموال الظاهرة، يريد بالباطنة: العين، وبالظاهرة: الحرث والماشية.

وقال محمد: لا أحب ذلك له، فإن فعل وخفي له ذلك عن الإمام فإنها تجزئ أي صنف كانت.

واختلف إذا لم يعلم ذلك إلا من قوله. فقال ابن القاسم: لا يقبل قوله. وقال أشهب (٤): يقبل قوله إذا كان من أهل الصلاح والعدل (٥)، ولا يقبل قوله


= ١/ ٥٧٠، في باب زكاة الوَرِق والذهب، من كتاب الزكاة برقم (١٧٩٠).
(١) في (م): (إمام).
(٢) في (م): (لم يجز).
(٣) انظر: المدونة: ١/ ٣٦٨.
(٤) في (م): (الشيخ).
(٥) في (ر): (والفضل).

<<  <  ج: ص:  >  >>