للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلِّ مقتاتٍ مدخرٍ (١) ليس بحسن، إلا أن يكون أصلًا للعيش، وهذا هو الفرق بين ما تجب فيه الزكاة، وبين ما يحرم فيه التفاضل ولا تجب فيه الزكاة، كالجوز واللوز وما أشبه ذلك؛ لأنه وإن كان مقتاتًا مدخرًا فإنه لا تجب فيه الزكاة؛ لأنه ليس أصلًا للعيش.

واخْتُلِفَ فيما كان يدخر ويراد للتفكه. فقال مالك وابن القاسم: لا زكاة في ذلك (٢). وقال عبد الملك بن الماجشون في كتاب ابن حبيب: تجب الزكاة في الثمار كلها ذوات الأصول، ما ادُّخر منها وما لم يدخر (٣)؛ لقول الله -عز وجل-: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ}. وقال: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١]، قال (٤): فَعَمَّ الثمارَ كلها (٥).

قال الشيخ - رضي الله عنه - (٦): فيلزمه أن يقول: إنها تجب في غير ذوات الأصول؛ لقول الله سبحانه: {وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ}، والمذهب على أن الزكاة تجب فيما لا يدخر ويتفكه، إذا كان عامة ذلك الجنس الادخار: كالبلح وهو مما يتفكه (٧) وليس بمقتات ولا مدخر، فجعل فيه الزكاة؛ لأن الغالب من ثمر النخل الادخار، فألحق القليل


(١) انظر: المعونة على مذهب عالم المدينة: ١/ ٢٤٨، وقد تقدم.
(٢) انظر: النوادر والزيادات: ٢/ ١٠٩.
(٣) انظر: النوادر والزيادات: ٢/ ١٠٩. وفيه: "وشذَّ ابن حبيبٍ، في الفواكه فقال: في الثمار كلها مُدخرها وغير مدخرها، إذا كانت ذوات أصول؛ فخالف أهل المدينة".
(٤) قوله: (قال) زيادة من (ر).
(٥) انظر: النوادر والزيادات: ٢/ ٢٦١. وفيه: "قال مالك: السَّنةُ المجتمع عليها عندنا أنَّه لا زكاة في الفواكه، ولا في الخضر كلها، ولا في القصبِ زكاة. قال غيره: ولم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن الخلفاء أنَّ أحدًا منهم أخذ الزكاة من ذلك، وليس هذا من الحوادث، فهو كنقلِ التواتر".
(٦) قوله: (قال الشيخ - رضي الله عنه -) يقابله في (م): (قلت).
(٧) في (ر): (يدخر).

<<  <  ج: ص:  >  >>