للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أشهب في مدونته: ووقف في المدونة فيمن مر بعرفة ولم يقف بها، فلم يقل: إنه يجزئه أو لا يجزئه (١). وعلى قوله في المغمى عليه أنه يجزئه، ولو لم يكن في عقله - يجزئ هذا وجوده من الوقوف.

وقال مالك في كتاب محمد فيمن دفع إلى عرفة قبل غروب الشمس، ثم لم يخرج منها حتى غربت الشمس: أنه يجزئه (٢). وإن خرج قبل أن تغرب الشمس، ولم يرجع حتى طلع الفجر لم يجزئه (٣)، وهذا إنما حصل منه المرور بغير نية الوقوف؛ لأنه على نية الانصراف.

وقال محمد فيمن مر بعرفة ليلًا، وشقها وهو يعرفها، ولم ينزل بها: أنه يجزئه إذا نوى به الوقوف، وذكر الله. ولو كان مروره وهو لا يعرفها، ولم ينزل بها لم يجزئ، وبطل حجه. يريد: بعدم النية، وهذا أحسنها، فلا يجزئه إلا أن ينوي الوقوف، ويذكر الله تعالى، عرفها أو لم يعرفها. وإن لم ينو الوقوف، أو نواه ولم يذكر الله لم يجزئه.

وقد أوجب الله تعالى وقوف عرفة (٤)، وأبان النبي - صلى الله عليه وسلم - صفته, فعلم أن الفرض ليس بأن يمضي لذلك الوضع فيمشى فيه، أو ينام فيه ثم ينصرف.

وكذلك أرى في المغمى عليه أنه لا يجزئه إذا زالت الشمس وهو مغمى عليه، أو كان في عقله ثم أغمي عليه قبل أن يقف؛ لأن ذلك يرجع إلى أن الفرض وجود جسمه لا غير ذلك. والمغمى عليه أبين ألا يجزئه؛ لأنه مخاطب


(١) نقله أيضا في مدونة سحنون, انظر: المدونة: ١/ ٤٣٢.
(٢) النوادر والزيادات: ٢/ ٣٩٥.
(٣) النوادر والزيادات: ٢/ ٣٩٥.
(٤) أي: قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>