للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أحرم النبي - صلى الله عليه وسلم - والمشركون بمكة، وهو يرى أنهم لا يمنعونه، فلما منعوه حل (١).

وإن علم أنهم يمنعونه لم يحل، وعلى هذا الوجه يحمل ما قاله محمد بن المواز (٢).

وإن شكّ فمنعوه لم يحل، إلا أن يشترط الإحلال، كما قال ابن عمر - رضي الله عنهما -.

ومن صُدَّ عن طريقه وهو قادر على الوصول من غير مضرة لم يحل، وإن كان أبعد، إلا أن يكون طريقًا مخوفًا، أو فيه مشقة بيّنة، ولا يرجو انكشاف ذلك قريبًا. وقد قاضى النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل مكة على أن يأتي من العام المقبل، ثم حلّ (٣)؛ لأن الصبر إلى قابل فيه مضرة.

واختلف فيمن أحصر وهو محرم بالحج في ثلاثة مواضع: في الوقت الذي يجوز أن يحل فيه، وهل عليه دم إذا حل، وهل يلزمه القضاء إذا كان محرمًا بحجة الإسلام؟ فمذهب ابن القاسم إذا كان على إياس من انكشافه حل مكانه. وإن كان يرى أنه يذهب قبل ذلك أو شك أُمهل حتى يصير إلى وقت إن ترك لم يدرك، فيحل، وقال أشهب: لا يحل حتى يوم النحر، ولا يقطع التلبية حتى يروح الناس إلى عرفة (٤).

يريد: لأن الحج لما كان معلمًا بوقت، وكان الإمساك عن الوطء والطيب


(١) سبق تخريجه، ص: ١٢٥٥.
(٢) قال في كتاب ابن المواز: (قيل لابن القاسم: فكان أحصر بعدوٍّ، قبل أن يحرم، ثم أحرم لطول السفرِ أو لغيره، قال: ما أحسب هذا يحله إلا البيت؛ لأنه أحرم بعد أن تبين له المنع). انظر: النوادر والزيادات: ٢/ ٤٣٤.
(٣) أخرجه البخاري: ٢/ ٩٦٠، في باب الصلح مع المشركين، من كتاب الصلح، برقم (٢٥٥٢).
(٤) انظر: المدونة: ١/ ٤٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>