للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره عبادة، وقد التزم المحرم بالحج الإمساكَ عن هذه الأشياء إلى وقت، كان عليه أن يبقى على تلك الطاعة إلى ذلك الوقت. ويلزم على قوله: إن أحرم بعمرة وهو على بعد أن لا يحل إلا في الوقت الذي كان يحل فيه من أحرم بحج لو لم يحصر، وقد كان إحلال النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ما مضى الوقت الذي كان يحل فيه.

ومن أحرم بالحج من موضع لا يدرك فيه الحج من عامه، ثم أحصر من ذلك العام، لم يحل إلا أن يصير إلى وقت إن حل لم يدرك الحج عامًا قابلًا (١).

وقال ابن القاسم فيمن حل ممن أحصر بعدو: لا هدي عليه. وقال أشهب في كتاب محمد: عليه الهدي، وإن لم يجد صام، وقد قال الله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] (٢) قال: فهذا فيمن أحصر بعدو، وتأول ابن القاسم الآية على المرض.

والأول أحسن؛ لأن الآية نزلت بالحديبية، وقد حصرهم العدو، فقال تعالى: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} والأمن يكون من الخوف، فكان حمل الآية على الخوف الذي كانوا فيه، وعلى المعهود من هذا الاسم؛ حتى يقوم دليل أن المراد الأمن من المرض.

وقد اختلف في موجِب هذين: أُحْصِر وحُصِر، فذكر إسماعيل القاضي عن أبي عبيدة، أنه قال: ما كان من مرض أو ذهاب نفقة قيل: أُحْصِر، وما كان من حبس قيل: حُصِر. واستشهد بقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: لا حصر إلا من عدو.

وقال ابن فارس في مجمل اللغة: ناس يقولون حصره المرض، وأحصره العدو. وهذا عكس ما حكاه أبو عبيدة.


(١) انظر: النوادر والزيادات: ٢/ ٤٣٤.
(٢) انظر: النوادر والزيادات: ٢/ ٤٣٢، بغير نقل المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>