للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يحرم ملكه إذا لم يكن معه؛ لأنه أمر خارج عما ورد فيه القرآن، فبقي على أصل الملك. وحرم إذا كان في يده لقوله - صلى الله عليه وسلم - في مكة: "لا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا" (١). فكذلك الصيد (٢) مع الحلال (٣) في الحرم يكون آمنًا، وإذا لم يجز أن ينفره؛ لم يجز أن يبقى في يده.

واختلف في معنى قول الله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦] فقيل: المراد الصيد نفسه. وقيل: الاصطياد. وكلا القولين يحتمل؛ لأن الصيد يقع على المصيد، يقول: هذا صيد، وأخذت صيدًا. وعلى الاصطياد، يقول: صاد يصيد صيدًا، فهو مصدر صاد.

وقول مالك وأصحابه أن المراد الاصطياد، وألا شيء عليه إن بقي في ملكه إذا أيكن في يده معه (٤).

واختلف فيه عن الشافعي فقال مرة: المراد الاصطياد. وقال مرة: الصيد نفسه، وعليه أن يرسل ما كان في بيته. وحمل الآية على الملك. واحتج من أجاز ملكه بالنكاح لتقدم الإحرام، فإنه لا يؤمر بالفراق، ولا يجوز أن يستأنف نكاحًا بعد الإحرام. وليس الاحتجاج بالزوجية (٥) بالبين؛ لأنه يجوز أن تكون معه وتضاجعه، بخلاف الصيد أنه يرسله إن كان معه، والوجه فيه ما تقدم: أن


(١) متفق عليه, أخرجه البخاري: ١/ ٤٥٢، في باب الإذخر والحشيش في القبر، من كتاب الجنائز، برقم (١٢٨٤)، ومسلم: ٢/ ٩٨٦، في باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها، من كتاب الحج، برقم (١٣٥٣).
(٢) في (ب): (الطير).
(٣) في (ق ٥): (الحل).
(٤) في (ب): (محمولًا).
(٥) في (ب): (الزوجة).

<<  <  ج: ص:  >  >>