للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْوَةً؛ فتُركتْ لم تقسَّم، ولو أرادوا أن يقسموها لقسموها (١)، فتُركتْ لأهْل الإسلام- فهذه التي قال مالك: يجتهد فيها الإمامُ، ومن حضره من المسلمينَ (٢).

فأجاز تقسمتها إذا رأى الإمامُ ذلك، ولا أعلم خلافًا أنَّها إنْ قُسمت أَنَّ ذلك ماضٍ، ولا ينقض. وذهب بعضُ النَّاس إلى أنَّها كالأموال تقسم، ولا يجوز حبسها عن الغانمين. وقوله بجواز (٣) القسم أحسن؛ لأنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قسم قريظةَ وفدكَ وخيبرَ (٤). وقال عمر - رضي الله عنه -: لولا من يأتي من المسلمين؛ لم أدع قريةً افتتحتْ عنوةً إلا قسمتُها، كما قسم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خيبرَ (٥). فسلَّم عمر - رضي الله عنه - أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قسم العنوةَ، وأن ذلك لم ينسخ؛ لأنَّه جوَّز القسم، وأخبر أنَّ ترك القسم باجتهاد منه، ليس يمنع منه فعل النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد افتتحتْ مكةُ عنوةً ولم تقسَّم.

واختُلفَ: هل تُركتْ لأهلها منًّا عليهم بها، فيجوز لهم بيعُها، أو تركها فيئًا للمسلمين؟ ولم يُختلف أنَّه منَّ على الرجال، وقد رُوي عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "مَكَّةُ حَرَمٌ، لاَ تَحِلَّ إِجَارَةُ بُيُوتِهَا، وَلاَ بَيْعُ رِبَاعِهَا".

وقال علقمة بن نَضْلة: كانت المساكن والدورُ بمكةَ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمانَ - رضي الله عنهم - لا تُباع ولا تُكْرَى، وما


(١) في (ت): (لقسمت).
(٢) انظر: المدونة: ١/ ٣٤٩.
(٣) في (ت): (يجوز).
(٤) أخرجه أبو داود: ٢/ ١٥٦، في باب في صفايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأموال، من كتاب الخراج والفيء والإمارة، برقم (٢٩٦٧)
(٥) أخرجه أحمد في المسند: ١/ ٤٠، في مسند عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، برقم (٢٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>