للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال مالك: إن نوى حمله على عنقه؛ حج القائلُ ماشيًا ويهدي، ولا شيء عليه في الرجل. وإن نوى أن يحجه من ماله؛ فعل ذلك، إلا أن يأبى، ولا شيء عليه في نفسه. وإن لم تكن له نيةٌ؛ حج راكبًا، وحج بالرجل معه (١)، ولا هدي عليه (٢).

وليس هذا الوجه بالبين؛ لأنه لا يخلو أن يحمل قوله على حمله بنفسه، فيكون عليه أن يحج ماشيًا، ولا شيء عليه في الرجل. أو يحمل على حمله من ماله، فيحجه إلا أن يأبى، ولا شيء عليه في نفسه (٣) أو يقال: إن ذلك محتمل الوجهين جميعًا، ويؤخذ فيه بالأحوط، فيحج هو ماشيًا، ويحج الرجل من ماله راكبًا.

وأرى أن يحمل قوله عليَّ حمله من ماله؛ لأنه ليس العادة أن يقصد حمله على عنقه، ويقصدون الحمل من المال، وقد قال عمر: "حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِى سبِيلِ الله عَزَّ وَجَلَّ فَأَضَاعَهُ الذي كان عنده، فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ. . ." (٤) الحديث (٥). وقال الله تعالى: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ} [التوبة: ٩٢] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وَالله لاَ أَحْمِلُكُمْ، ثُمَّ قَالَ: مَا حَمَلْتُكُمْ بَلِ الله حَمَلَكُمْ. . ." الحديث (٦). ولو قال: أنا أحج فلانًا، أو أحج به، أو أحمله في غير يمين، لكانت عدات فإن شاء فعل وإن شاء لم يفعل.


(١) قوله: (معه) ساقط من (ب).
(٢) انظر: المدونة: ١/ ٤٧٢.
(٣) قوله: (في نفسه) ساقط من (ب).
(٤) أخرجه البخاري: ٢/ ٥٤٢، كتاب الزكاة باب هل يشتري الصدقة؟ برقم: (١٤١٩).
(٥) قوله: (الحديث) ساقط من (ت).
(٦) متفق عليه، أخرجه البخاري: ٣/ ١١٤٠، كتاب الخمس، باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين، برقم: (٢٩٦٤)، ومسلم: ٣/ ١٢٦٨، كتاب الأيمان، باب نذر من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه، برقم: (١٦٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>