للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الكهف: ٢٣، ٢٤] فلا يكون استثناء (١)، وقوله ووقوفه عنها ريبة في أنه لم يرد رفع اليمين، والقول الآخر أبين، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ الله، فَقَدِ اسْتَثْنَى" (٢) فجعل هذا كافيًا في الاستثناء ولم يفرق، ومعلوم أنه إنما ردهم في ذلك إلى ما في كتاب الله عز وجل، وهو الذي يعقلون.

وإن قال عليَّ نذر إن قربتك: كان موليًا، وإن قال عليَّ نذر إن لم أقربك لم يكن موليًا؛ لأن هذا حلف ليفعلن، والأول حلف على ترك الفعل.

قال ابن القاسم: وإن قال عليّ نذر أن لا أقربك- هو مولٍ (٣)، وقال يحيى ابن عمر: ليس بمولٍ، وهو بمنزلة قوله: عليَّ نذر ألا أكلمك، وهو نذر في معصية، وهذا هو الأصل؛ لأن "أن" مع الفعل المستقبل بمعنى المصدر، فكأنه قال: علي ترك قربك ولا قربة في ذلك، وقول ابن القاسم أحسن؛ لأن الناس لا يقصدون في هذا موجب اللسان، والذي يسبق إليه من ذلك إن قربتك، وهو الذي يقصد بقوله ذلك.

وقال ابن القاسم: إن حلف ليغيظنها أو ليسوءنها، فتركها أربعة أشهر؛


(١) انظر: تفريق مالك في الاستثناء في اليمين في العتبية من البيان والتحصيل: ٣/ ١٣٩، ونص المسألة: (قال أشهب، وسئل مالك عن قول ابن عمر: من حلف فقال إن شاء الله فقد استثنى، فقال: إنا لنقول غير هذا، نقول: إذا حلف وقال إن شاء الله ينوي به الاستثناء فذلك له ولا حنث عليه, وإن كان إنما قال إن شاء الله لهجًا بذلك مثل قول الله عز وجل: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٣، ٢٤] ومثل قوله: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [الفتح: ٢٧] فليس ذلك باستثناء ولا يغني عن ذلك شيئًا).
(٢) حسن، أخرجه أبو داود: ٢/ ٢٤٥، في باب الاستثناء في اليمين، من كتاب الأيمان والنذور، برقم (٣٢٦٢)، والترمذي، في سننه: ٤/ ١٠٨، في باب ما جاء في الاستثناء في اليمين، من كتاب النذور والأيمان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، برقم (١٥٣١)، وقال الترمذي: حديث ابن عمر حديث حسن.
(٣) انظر: المدونة: ٢/ ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>