للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرهما ما لا يخلص إلى الأجنبيين، فكان ذلك أقرب لإجراء الأمر على الصحة، وللمظلوم على الظالم، ثم الجار أقرب عند عدم الأهل، ولم يجعلا -إذا كانا من الأهلِين- من جهة واحدة، لما يلحق القريب عند الشنآن من الحمية والغضب لمن هو من ناحيته، وإن كان بين الزوجين قرابة جاز أن يحكم السلطان مَن هو منهما بمنزلة مثل (١) عميهما أو خاليهما، أو عم وخال، ولو جعل ذلك إلى واحد منهما بمنزلة عم أو خال جاز على مغمز فيه (٢).

وإن جهل السلطان وجعل ذلك إلى من لا فقه له ولا علم عنده بوجه الحكم فاسترشد أهل العلم (٣) بعد الكشف، مضى حكمهما، فإن حكما بعلمهما سُئلا عن صفة ما اطلعا (٤) عليه، فإن تبين أنهما أصابا الحق مضى الحكم وإلا رُدَّ, وإن جعل ذلك إلى أجنبين مع وجود الأهل، فإنه يشبه أن يقال: ينقض الحكم لمخالفة النص، ولأن فيه ضربًا (٥) من التفريط، بمنزلة ما لو قضى القاضي بقضية، ولم يبالغ في الكشف، ولم يسأل من يرى أن عنده علمًا، ويشبه أن يقال: الحكم ماضٍ، بمنزلة لو تحاكما إليه فأجرى الحكم بعد أن علم ما يدعي كل واحد منهما.

وكذلك لو حكَّم السلطانُ رجلًا أجنبيًا؛ لأنه إنما جعل رجلان إذا كانا من الأهل؛ لأن كل واحد منهما يستبطن علم من هو من قبله، فإذا خرجا عن أن يكونا من الأهل أجزأ واحد وأجرى أمره على الأصل في الأحكام، أنه يجزئ


(١) قوله: (مثل) سقط من (ث).
(٢) انظر: المدونة: ٢/ ٢٦٧.
(٣) في (ح) و (ث): (فاسترشد العالم).
(٤) في (ب): (أطلقا).
(٥) في (ث): (ضررًا).

<<  <  ج: ص:  >  >>