للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يعترض هذا بكونه لا تؤدى به إلا صلاة واحدة؛ لأنّا لو تعبدنا في الوضوء بالماء ألا نؤدي به إلا صلاة واحدة لم نقل إن حكم الحدث لتلك الصلاة لم يرتفع، وقد روي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -؛ أنه كان يرى أن الوضوء واجب لكل صلاة وأن ذلك باق إلى الآن لم ينسخ (١)، أفتراه يقول: إن حكم الحدث لم يرتفع للصلاة الواحدة؟!

وقيل أيضًا: إن الفرض كان قبل فتح مكة أن يتوضأ لكل صلاة. ولا يصح أن يقال لم يكن حكم الحدث يرتفع لتلك الصلوات التي كانوا يصلونها قبل الفتح، ولا حكم للحدث إلا الامتناع من الصلاة قبل الوضوء والتيمم، وارتفاع حكمه ارتفاع الامتناع، وارتفاع الامتناع الاستباحة لما كان ممنوعًا قبل.

ولا يصلي فرضين بتيممٍ واحد (٢)، واختلف في الإجزاء إن فعل (٣)، ولا بأس أن يصلي نفلين، فأكثر بتيمم واحد إذا أتى بذلك متتابعًا.

وإن كان فرضًا ونفلًا نظرت، فإن قدّم النفل استأنف التيمم للفرض كالفرضين (٤). واختلف في الإجزاء إن هو لم يفعل، وإن قدّم الفرض جاز له أن يعقبه بالنفل (٥)، كالنفلين. وإن كان فرض وسنة فإن قدم الفرض جاز له أن


(١) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه: ١/ ٥٨، برقم (١٦٨)، والدارمي في سننه: ١/ ١٧٥، في باب قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: ٦]، من كتاب الطهارة، برقم (٦٥٧)، ولفظه: عن عكرمة: أن سعدًا كان يصلي الصلوات كلها بوضوء واحد وأن عليًا كان يتوضأ لكل صلاة وتلا هذه الآية {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ}.
(٢) انظر: التفريع: ١/ ٣٦، والنوادر والزيادات: ١/ ١١٧، والبيان والتحصيل: ١/ ١٧٤.
(٣) انظر: البيان والتحصيل: ١/ ٢٠٢، ٢/ ١٨٨، ١٩٩، والنوادر والزيادات: ١/ ٥٦، ١١٧، والتفريع: ١/ ٣٦، والمعونة: ١/ ٣٣، والإشراف: ١/ ١٦٦.
(٤) انظر: المدونة: ١/ ١٤٩.
(٥) انظر: النوادر والزيادات: ١/ ١١٨، ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>