للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَقْتُ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الفَجْرِ إِلى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ" (١).

فهذا حديث صحيح أخرجه مسلم، فأبان - صلى الله عليه وسلم - بقوله في الظهر: "مَا لَمْ تَحْضُرِ العَصْرُ" أنه لا شركة بينهما، والأخذ بهذا الحديث أولى؛ لأن الحديثين إذا تعارضا أخذ بآخرهما وأقواهما سندًا، وحديث ابن العاص متأخر مدني، وحديث ابن عباس مكي من أول ما فرضت الخمس، وهو أضعف سندًا.

ووجه ثالث: أنه قد عاضده (٢) على مثل ذلك أبو موسى الأشعري وبريدة، فأخرج مسلم عن أبي موسى قال: "أَتَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سَائِلٌ فَسَأَلهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلآةِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، قال: فَأَقَامَ الفَجْرَ حِينَ انْشَقَّ، وَالظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، وَالعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، والمَغْرِبَ حِينَ وَقَعَتِ الشَّمْسُ، وَالعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ ثُمَّ أَخَّرَ الفَجْرَ مِنَ الغَدِ وَانْصَرَفَ القَائِلُ يَقُولُ: طَلَعَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ، وَأَقَامَ الظُّهْرَ قَرِيبًا مِنْ وَقْتِ العَصْرِ بِالأَمْسِ، وَالعَصْرَ انْصَرَفَ مِنْهَا وَالقَائِلُ يَقُولُ: احْمَرَّتِ الشَّمْسُ، وَأَخَّرَ المَغْرِبَ حَتَّى كَانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ ثُمَّ العِشَاءَ حَتَّى كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأَوَّلُ ثُمَّ أَصْبَحَ فَدَعَا السَّائِلَ فَقَالَ "الوَقْتُ مَا (٣) بَيْنَ هَذَيْنِ" (٤). وأخرج عن بريدة مثل ذلك، وأستحسن أن تكون الفتوى للعامة بالقامتين في العصر، وبالإسفار في الصبح، وثلث الليل في العشاء الآخرة (٥)؛ لأنه أحوط للصلاة، وأخاف إذا أفتى الرجل


(١) أخرجه مسلم: ١/ ٤٢٦ في باب أوقات الصلوات الخمس، من كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (٦١٢).
(٢) في (ش ٢): (عارَضَهُ).
(٣) قوله: (مَا) زيادة من (ش ٢).
(٤) أخرجه مسلم: ١/ ٤٢٩ في باب أوقات الصلوات الخمس، من كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (٦١٤).
(٥) قوله: (الآخرة) ساقط من (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>