للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم ومالك في الموطأ وغيرهم- أن ذلك اللبن مبيع؛ لأنه كان وقت البيع موجودًا مجموعًا ولم يبق إلا حلابه، وهو بمنزلة الثمرة إذا يبست ولم يبق إلا جذاذها، والصوف إذا تمَّ ولم يبق إلا جزازه، وإنما الخراج بالضمان فيما يحدث عند المشتري، وإذا كان ذلك فإن كان اللبن قائمًا وكان حلابه بفور الشراء، رد عينه ولا يغرم بالعوض عنه مع قيامه، وإن كان حلابه بعد ذلك لم يكن عليه رده؛ لأنَّ ما حدث في ضروعها بعد شرائها فهو للمشتري، فكان ذلك الموجود بعضه للبائع وبعضه للمشتري، ولا يدرى ما لكل واحد فيه، وعلى هذأ محمل قول مالك في المدونة، أنه لا يرده إذا كان قائمًا، أن ذلك إذا لم يحلب بحضرة البيع (١)، ولهذا قال: له اللبن بما علف؛ لأن ما حلب بالحضرة لم يكن على العلف.

وقد قيل: في حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن اللبن بصاع، إن ذلك لرفع التنازع؛ لأن الأصل أبدًا فيه مجهول، قال مالك: والصاع من عيش البلد (٢). وإن كان عيشه قمحًا أو شعيرًا، كان عليه صالح من عيشهم، وذهب بعض أهل العلم إلى ألا يغرم الصاع، إذا كان السعر غالبًا، فقد يكوق قيمة الصاع نصف قيمة الشاة، فإن غرم المشتري قيمة أعلى ما يرى أنه كان فيها، لم يكن للبائع في ذلك مقال، وخصوا الحديث بالقياس؛ لأن الأصل في المتلفات أن يغرم قيمتها أو مثالها، ولا يحمل الحديث على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ألزم المشتري فوق ما قبض.


= ويستغله ثم يجد به عيبا من كتاب البيوع، برقم (١٢٨٥)، والنسائي: ٧/ ٢٥٤، في باب الخراج بالضمان، من كتاب البيوع،، برقم (٤٤٩٠)، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(١) انظر: المدونة: ٣/ ٣٥٢.
(٢) انظر: المدونة: ٣/ ٣٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>