للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال ابن أبي ليلى وأبو يوسف: يرد قيمة اللبن. وحملوا الحديث أن الصاع كان ذلك الوقت قيمة اللبن. واختلف إذا كان المبيع جماعة غنم، هل يغرم صاعًا واحدًا، أو لكل شاة صاع؟ وهذا أصوب، فإن كانت الغنم عدة، أكان لكل واحدة حكمها؟ والشاة المصراة والبقرة والناقة في ذلك سواء، يريد عن اللبن الذي بيعت به وهذا للحديث المتقدم وقد قيل ذلك لأن لبن الغنم وإن كان أقل فهو أجود ولبن الإبل أدنى وأكثر، فإذا علم المشتري أن الشاة مصراة قبل أن يحلبها، وأن ذلك ليس بعادة لها، كان له أن يردها قبل الحلاب، وله أن يمسكها ويحلبها ثم يختبرها، وينظر كيف عادتها؟ وهل تنقص التصرية اليسير أم لا؟ وكذلك إن علم بعد أن حلبه ما صريت، فهو بالخيار بين أن يرد الآن، أو يمهل حتى يحلبها ويعلم عادتها.

واختلف إذا حلبها الثالثة هل ذلك رضى؟ فقال في المدونة: إن جاء من ذلك ما يعلم أنه اختبرها قبل ذلك فهو رضى (١)، وقال محمد: ذلك رضى.

وقال مالك في كتاب محمد: له أن يرد وإن حلبها الثالثة (٢). وهو أحسن لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالخيَارِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ". أخرجه البخاري ومسلم (٣)، فجعل له الخيار إلى ثلاثة أيام، وإن تحقق قبله العيب قبل ذلك؛ لأن المشتري يريد أن يؤامر نفسه في ذلك، وهل يرضى بذلك العيب أو


(١) انظر: المدونة: ٣/ ٣٠٩.
(٢) انظر: النوادر والزيادات: ٦/ ٣٢١.
(٣) أخرجه مسلم: ٣/ ١١٥٨، في باب حكم بيع المصراة من كتاب البيوع، برقم (١٥٢٤)، ولفظ ما وقفت عليه في البخاري: "من اشترى غنما مصراة فاحتلبها فإن رضيها أمسكها وإن سخطها ففي حلبتها صالح من تمر" أخرجه: ٢/ ٧٥٦، في باب إن شاء رد المصراة وفي حلبتها صالح من تمر، من باب إن شاء رد المصراة وفي حلبتها صالح من تمر، برقم (٢٠٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>