للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟ فَقَالا: يَا رَسُولَ اللهِ، كُنَّا صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا. فَقَالَ: لاَ تَفْعَلاَ إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُم نَافِلَةٌ" (١). أي: زيادة على الواجب، والذي يؤيد أن الآخرة فرض أنهم قالوا: إن صلى فذًا أعاد الآخرة في جماعة؛ ليدرك فضلها، قال أبو محمد عبد الوهاب: ليدرك فضل الجماعة على ما وردت به السنة (٢). واحتج بالحديث: "صَلاَةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ عَلَى صَلاَةِ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً". وإن صلى في جماعة لم يعد، فلو كانت الآخرة نافلة لأعاد من صلى جماعة في جماعة بعد جماعة؛ لأن النفل لا يقف على عدد.

وقال عبد الملك بن حبيب فيمن صلى في جماعة: لا يعيد في جماعة إلا أن يكون التي صلى في جماعة بمكة أو بالمدينة أو بيت المقدس، ثم دخل المسجد الحرام أو مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - أو مسجد بيت المقدس فوجد الناس في الصلاة أو أقيمت تلك الصلاة، فإنه يؤمر أن يصلي معهم وإن كان قد صلاها (٣) في جماعة، وذلك لفضل الصلاة فيها (٤) على غيرها (٥).

قال: ولهذا استحب مالك لمن صلى في جماعة في غير هذه المساجد ثم دخل بعض هذه المساجد وهم فيها أن يصليها معهم، قال: ألا ترى أنه إنما أمر من صلى وحده ثم أتى مسجدًا وهم فيها أن يصليها معهم؛ لفضل الجماعة على


(١) أخرجه الترمذي: ١/ ٤٢٤، في باب ما جاء في الرجل يصلي وحده ثم يدرك الجماعة، من أبواب الصلاة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برقم (٢١٩)، قال الترمذي: (حسن صحيح).
(٢) انظر: الإشراف: ١/ ٢٦٧.
(٣) في (ر): (صلى).
(٤) في (ر): (فيه).
(٥) انظر: النوادر والزيادات: ١/ ٣٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>