وقال أشهب -في مدونته-: يلزمه مثل العروض، وأنكر قول ابن القاسم، وأن يكون مالك قاله قط (١)، وليس هذا اختلافا في فقه.
وأرى أن يرجع في ذلك إلى العادة في بيع الطعام في ذلك البلد، فإن كان ثمن الخمسين على الانفراد والجملة سواء لو كانت مائة لزم الباقين، وإن كان ثمن الخمسين على الانفراد أرخص كان له أن يرد؛ لأن المشتري يقول: إنما اشتريته بغلاء رغبة في شراء الجملة، ولئلا أتكلف شراء الباقي، ولو علمت أن المبيع هذا لم أشتره بذلك، وإن كان الثمن في الجملة أرخص، كان له مقال؛ لأنه يقول: إذا رددت هذا اشتريت الجملة رخيصة.
وقال محمد -فيمن اشترى صبرتين أو حملين على غير كيل فاستحق أحدهما-: لزمه الباقي كالعبدين بخلاف البيع على الكيل. قاله في مسألة النصف حمل، والقياس أن يكون الجزاف والمكيل في ذلك سواء، ويرجع في الجميع إلى ما يقوله أهل المعرفة، هل البيع في الجميع والنصف سواء غلا أو رخص؟ وهذا الجواب في الاستحقاق.
وأما العيب فقال مالك وابن القاسم: إن مِن حق البائع أن لا يرد المعيب وحده، والمشتري بالخيار بين أن يقبل جميعه أو يرد جميعه سالمة ومعيبة؛ لأن بعضه يحمل بعضًا ومحمل قوله على أحد الأقوال في العروض أنه يقبل جميع المعيب أو يرده، وعلى القول أنه يرد المعيب وحده ويكون ذلك في الطعام؛ لأنه لا يجوز له أن يخلط الطعام الجيد بالرديء ثم يبيعه، واذا كان الحكم أن لا يخلطا وإن بيعا صفقة صار كالعروض، وإن كان المعيب مما لا ينفك عنه أسافل الصبرة، لزم المشتري قبوله، إلا أن يكون زائدًا على المعتاد فيرد الزائد.