للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القياس. وفرق في القول الآخر بين القليل والكثير، لعظم الغرر في الكثير، وخفته في اليسير.

وفرق بين الحيوان وغيره؛ لأن الغالب من الحيوان أنه يُطَّلَع على عيبه، فالعبد يذكر ما يجده أو يظهر المرض عليه، والدابة يظهر ما يرى من كللها أو قلة أكلها، والغالبُ إذا لم يظهر ذلك السلامةُ، وليس كذلك الثوب إذا كان مطويًّا، فلا يدري البائع ولا المشتري على ماذا وقع البيع، فرأى أنَّ الغررَ ينتفي عن الحيوان والرقيق، ورأى مرة أن ذلك يعلم من الرقيق؛ لأنه يخبر عن نفسه بخلاف غيره من الحيوان.

وقال أبو محمد عبد الوهاب: وجه التفرقة أن الرقيق يخفون عيوبهم، فلا يصل المالك إلى علم ذلك، وسائر الحيوان بخلافه؛ لأنه لا قدرة له على كتمان عيوبه (١). فعكس العلة وليس كذلك.

وقد أبان مالك وجه المنع، فقال -في كتاب محمد-: إنما رأيت أن لا تنفع البراءة في الثياب والحيوان؛ لأنه مما لا تستطاع معرفته (٢). وقال: لا أحب البراءة في رأس لم تطل إقامته ولم يخبره (٣). ولا شك أن الغررَ فيما لا يكتم عيوبه وطال ملكه فلم يعلم منه عيبًا أخفُّ مما يكتم عيوبه ولم تطل إقامته.

وأما تفرقته بين بيع الإنسان لنفسه، وما يقسم ثمنه للغرماء والوصايا، فلأن فيه ضربًا من الضرورة، وكل هذا في تفرقته بين ما تمكن معرفة عيبه وغيرها وبين ما يفرق ثمنه أو لا يفرق - جنوحٌ إلى تقدمة القياس، وأن ما كان


(١) انظر المعونة: ٢/ ٨٤.
(٢) انظر: النوادر والزيادات: ٦/ ٢٤٠.
(٣) انظر: النوادر والزيادات: ٦/ ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>