للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاعتراض بهذين غير صحيح، فأما ما ذكر عن ابن عباس - رضي الله عنه - فقد لا يثبت ذلك عنه؛ لأنه لم يشهد جميع إقامة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، وإنما كان قدومه سنة ثمان بعد الفتح. ويعترض بحديث أبي هريرة، وأنه سجد خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - حسبما تقدم، فكان الأخذ به أولى، لصحة سنده؛ ولأن من أثبت أولى ممن نفى؛ ولأن النسخ (١) لا يصح إلا بأمر لا يشك فيه، وأن يكون تاريخ الترك متأخرًا، ولأنه لو ثبت أنه متأخر لأمكن أن يكون ذلك في غير صلاة، أو في غير إبان صلاة، ولإمكان أن يكون اجتزأ بسجود الركعة؛ لأن السجود في المفصل في أواخر السور.

وقد قال ابن حبيب في مثل هذا: إن القارئ بالخيار بين أن يسجد أو يركع ويسجد (٢)، ويحتمل حديث زيد في ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - السجود؛ لأن زيدًا كان القارئ فلم يسجد زيد لأنه كان على غير طهارة أو في غير إبان صلاة؛ لأنه لم يقل: سجدت فلم يسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - معي؛ ولأن السجود ندب، وقد يترك مرة ليُعلم أنه ليس بحتم، وقد فعل ذلك عمر - رضي الله عنه - سجد مرة وترك مرة، وقال: إن الله تبارك وتعالى لم يكتبها علينا إلا أن نشاء (٣).

وقال ابن القاسم: كان مالك لا يوجبها، ويأخذ في ذلك بقول عمر - رضي الله عنه - (٤).

واختلف في موضع السجود في حم تنزيل، فقال مالك: {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ


= كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (٥٧٧).
(١) في (ر): (النصح).
(٢) انظر: النوادر والزيادات: ١/ ٥١٨.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ: ١/ ٢٠٦، في باب ما جاء في سجود القرآن، من كتاب القرآن، برقم (٤٨٤).
(٤) انظر: المدونة: ١/ ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>