للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْبُدُونَ} [فصلت: ٣٧] (١). وقال ابن عمر وابن وهب: {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: ٣٨] (٢) وهو أبين؛ لأن سجود القرآن يتضمن ثلاثة معان: مدح من سجد، وذم من عنَد، وأمرٌ بالسجود (٣).

ففي سورة الرعد والنحل والحج (٤) مدحُ من سجد، فنُدبنا عند ذكرهم إلى المبادرة لامتثال ما امتثلوه، وفي سورة الفرقان (٥) وغيرها ذم من عند فنُدبنا للسجود عند نفورهم، وأمرنا بالسجود في النجم (٦) وغيرها، وقد تضمن أول هذه الآية أمرًا بالسجود وآخرها ذم (٧) من عند، ومدح من امتثل وأطاع.

فكان السجود عند ذكر من عند واستكبر أولى؛ لأن زيادة ذلك القدر من التلاوة لا يخرج عن حكم السجود على القول الأول، ويكون قد أتى بسجود مجمع عليه، وذلك أحوط.


(١) انظر: المدونة: ١/ ١٩٩.
(٢) ذكره ابن أبي زيد في النوادر والزيادات: ١/ ٥١٨، وعزاه إلى ابن عباس.
(٣) في (ر): (لم يسجد).
(٤) سجود الرعد في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}، وسجود النحل في قوله تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} وسجود الحج: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (١٨)}.
(٥) سجود الفرقان هو قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا}.
(٦) سجود النجم في قوله تعالى: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}.
(٧) في (س): (ذكر).

<<  <  ج: ص:  >  >>