فأما تضمينه إذا مات في الطريق، فيحسن إذا كانت له إقامة بعد قبضها وكانت عينًا وكان مثله يتصرف في الوديعة، ولا يحسن إذا كان قبضه لها عند خروجه، أو ليلة مبيته أو كانت عروضًا وكانت له إقامة، وسواء مات في الطريق أو بعد الوصول، وليس الشأن أن يتسلف فوجب أن يبقى فيها على الأصل في الأمانات أنها ليست في الذمة.
ومن كانت قبله وديعة فذكر عند موته أنها في موضع كذا فلم توجد هناك كانت مصيبتها من صاحبها لقول الميت: لم أتسلفها. واختلف إذا لم يذكر شيئًا حتى مات هل يكون ذلك في ذمته والوديعة ثلاثة: عرض, وعين, ومكيل وموزون، فيحمل العين بعد موت المودع على السلف، وفي العروض على التلف، وفي المكيل والموزون في الحاضرة على التلف، وفي البادية على السلف.
والودائع أمانات ومصيبتها من أربابها، إلا ما قام الدليل على تصرف المودع فيها، فالشأن في العين أنها مما تسرع يد المودع إليها في السلف ويرى مضرة على صاحبه فيه وأن مثله يقوم مقامه فحملوه على الغالب، وهو السلف دون النادر وهو الضياع، إلا من علم منه أنه لا يتسلف فيحمل على عادته إلا أن يعلم أنه نزل به ما يضطره إلى السلف.
وأما العرض فليس العادة تسليفه فيحمل عند عدمه على أنه تلف، إلا أن يعلم من مثل ذلك المودع الاستخفاف وقلة الأمانة فيكون في ذمته، وكذلك المخازن تودع بالحاضرة بالمكيل والموزون، فليس الشأن الافتيات عليها.
وأما أهل القرى فالشأن أن تسرع أيديهم إليه كالعين في الحاضرة، وإذا كان الحكم أن تكون الوديعة في الذمة فإنه يضرب بها مع الغرماء، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يضرب بها لما كان الضمان مختلفًا فيه وأنه إنما يضمن