للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهادتهم؛ لأن ذلك حَدٌّ من حدود الله -عز وجل-، وتقبل شهادة بعضهم لبعض بما أخذوا من أموالهم، ولا تقبل شهادة أحد منهم لنفسه أن هذا متاعه، ولا شهادته لابنه، وتقبل شهادته إذا كان معه غيره، أنه قتل ابنه أو أباه؛ لأنه يقتل بالحرابة لا بالقصاص، ولا عفو فيه، ولو شهد بذلك بعد أن تاب- لم تجز شهادته؛ لأن الحق له، وله العفو والقصاص. وأما الأجنبيون فتجوز شهادتهم قبل التوبة وبعدها، لا يتهمون في شهادة بعضهم لبعض؛ لأن المحاربين إن قالوا: ما قطعنا عليكم فقد أزالوا الظنة، وإن أقروا فقد صدقوهم في قطع الطريق (١).

قال الشيخ -رحمه الله-: إذا صدقوهم في قطع الطريق وادعوا بعض ذلك أنهم (٢) لم يأخذوه منهم- لم تجز الشهادة؛ لأنها شهادة على العدو.

وقال سحنون في كتاب ابنه (٣): تقبل شهادة أهل (٤) الرفقة بعضهم لبعض؛ لأنهم إنما يقطعون في المفاوز حيث لا شاهد إلا من قطعوا عليه، ولا تقبل شهادة أحدهم (٥) لنفسه، ولو قالوا كلهم عند الحاكم: قتل منا كذا وكذا، وسلب منا كذا وكذا حملًا، ومن الجواري كذا، فأما الأحمال فلفلان، والثياب لفلان، والجواري لفلان، فذلك جائز، ويوجب ذلك المحاربة والقتل. وذكره عن مالك، وابن القاسم، وأشهب، قال: فإذا حبس الإمام المحاربين بشهادة واحد، وشهد عليهم قوم غير عدول ولم يأت غيرهم، ومنهم من اشتهر اسمه


(١) انظر: المدونة: ٤/ ٥٥٦، والنوادر والزيادات: ١٤/ ٤٨٦.
(٢) قوله: (بعض ذلك أنهم) يقابله في (ف): (بعد ذلك المتاع وأنهم).
(٣) قوله: (وقال سحنون في كتاب ابنه) ساقط من (ف).
(٤) قوله: (أهل) ساقط من (ف).
(٥) في (ف): (أحد).

<<  <  ج: ص:  >  >>