للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأى ابن القاسم أن قوله: يا ابن الخبيثة أشد من قوله: يا ابن الفاسقة (١). ذلك (٢) لأن الفسق: الخروج من الطاعة جملة، ولا يختص بالفاحشة، قال الله -عز وجل- {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [سورة الكهف آية: ٥٠]. وإن الخبث يراد به الفاحشة، قال الله -عز وجل- قوم لوط: {الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ} سورة الأنبياء آية: ٧٤]، وقال: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ} [سورة النور آية: ٢٦]، ولم يحمل القائل على أنه أراد ذلك؛ لأن العامة لا تعرفه فتقصد إليه، وإنما اتَّقَى أن يكون يريد ذلك، فاستظهر باليمين، والقول اليوم على من قال: يا فاسق أشد؛ لأن العامة لا تعرف الفسق إلا الفاحشة.

وإن قال: يا فاجر بفلانة، حُدَّ، إلا أن تكون له بينة على أمر صنعه بها من الفجور، مثل أن يكون خاصمها وادَّعى عليها مالًا، فيحلف أنه أراد ذلك، فإن نكل عن اليمين لم يحد؛ لأنها يمين استظهار. وكذلك إذا قال: جامعت فلانة حرامًا، أو باضعتها حرامًا، وقال: لم أرد بذلك أنك (٣) زنيت بها - حُدَّ، ولم يصدق إلا أن يقيم بينة أنه تزوجها. ولو قال ذلك في نفسه- قال: جامعتها حرامًا- ثم قال: كنت تزوجتها، لم يصدق، وَحُدَّ حَدَّ القَذفِ، ولم يحد للزنى للشبهة في ذلك، إلا أن تكون له بينة على التزويج (٤)، ولو قال: رأيت فلانًا يصيب أمك حلالًا فإن كان في مشاتمة حُد (٥).

وقال ابن القاسم فيمن قال لرجل: جامعت فلانة بين فخذيها أو في


(١) انظر: المدونة: ٤/ ٤٩٣.
(٢) قوله: (ذلك) ساقط من (ق ٦).
(٣) في (ف): (أني).
(٤) قوله: (إلا أن تكون له بينة على التزويج) ساقط من (ف)، وانظر: المدونة: ٤/ ٤٩٤.
(٥) قوله: (حد) ساقط من (ف)، وانظر: النوادر والزيادات: ١٤/ ٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>