للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف إذا أخذ عقل (١) العين قبل أن يعود نورها ثم عاد، فقال ابن القاسم في المدونة: يرد ما أخذ (٢)، وقال أشهب في كتاب محمد: لا يرد ذلك إذا كان أخذه بعد أن أبانها وتلفت في حقيقتها ولعل ذلك بقضاء إمام عدل ثم رد الله تعالى لعبده نعمة بصره، وقد سألت مالكًا عن رجل طرحت سنه فأخذ ديتها ثم ثبتت أيرد ما أخذ إلى طارحها، فقال: لا، قال محمد: وقاله ابن القاسم في السن وليست السن عنده كغيرها؛ لأنه يرى فيها ديتها وإن ثبتت قبل أن يأخذها (٣).

فساوى أشهب بين العين والسن في أنه لا يرد شيئًا، وفرق ابن القاسم بينهما ورأى أنه يرد في العين ولا يرد في السن، والوجه عنده ما تقدم، أن ذهاب البصر لم يكن حقيقة، ولو لم يأخذ ذلك حتى عاد نورها لم يأخذ شيئًا، وزوال السن قد كان متحققًا، ولو لم يأخذ ذلك حتى عادت لقضي له به.

قال محمد: ولو رد ذلك المستقادُ منه في الأذن والسن فثبتت له ولم تثبت للأول رأيت لصاحب السن والأذن عقلهما (٤)، ولم نر (٥) له أن يقتص منه ثانية؛ لأن حق الأول كان بشيئين: وجود الألم وذهاب ذلك السن، وقد كان وجود الألم بالقطع، فلو قطع ثانية كان قد وجد الألم مرتين، فجاز له الدية دون معاودة القصاص. والقياس أن يكون له أن يقطعه ثانية؛ لأن وجود الألم تَبَعٌ والعمدة وجود الشين والمثلة بذهاب ذلك منه كالأول ولأن من حق الأول أن


(١) في (ف): (دية).
(٢) انظر: المدونة: ٤/ ٥٦٣.
(٣) انظر: النوادر والزيادات: ١٣/ ٤٤١، ٤٤٢.
(٤) انظر: النوادر والزيادات: ١٣/ ٤٢٧، ٤٢٨.
(٥) في (ف) و (ق ٧): (لم ير).

<<  <  ج: ص:  >  >>