للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما النظرية - فكما عرفنا - هي مشتقة من النظر الذي يراد به هنا البحث العقلي ويعبر عنه بالنظري، وهو ما يتوقف حصوله على نظر واكتساب كتصور النفس والعقل، وقد يكون ما يتوصل إليه عن طريقه حقاً وصدقاً وقد يكون باطلاً وكذباً وخطأً.

أقول: على سبيل التمثيل: نحن - معشر المسلمين - ما عرفنا الملكية عن طريق النظر والبحث العقليين، إنما عرفناها عن طريق الشرع الذي علمنا به أن الله سبحانه قد منح عباده حق الملكية والتملك، وأنزل أسس ذلك في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. ومن أقرب الأدلة على قوله تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)} (١)

فالملكية حق لبني آدم منحة من عند الله سبحانه وتعالى وأدلة ثبوت ذلك من الكتاب والسنة كثيرة جداً.

وكذلك ما يطلق عليه (نظرية العرف)، أليس العرف دليلاً شرعياً تبعياً عند أكثر الأصوليين والفقهاء وثبت اعتباره حجة في كثير من الأحكام بأدلة شرعية كثيرة من الكتاب والسنة؟

فلم لا يقال (دليل العرف) ولم يقال نظرية العرف؟

والعُرف لم يعرف اعتباره حجة إلا عن طريق الشرع.

وكذلك حق العقد والتعاقد لا نظرية العقد. ومثل ذلك "واجب الإلتزام" لا نظرية الالتزام.

لا يفهم من ذلك أن النزاع في ذات المصطلح لأن لكل أحد أن يضع مصطلحاً خاصاً به للدلالة على أمر مخصوص عنده، ولكن النزاع في أمرين:


(١) الآية ٢٩ من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>