فالحكم على تصرف الإنسان بكونه واجباً أو حراماً أو مندوباً أو مكروهاً أو مباحاً، أو بكونه مثاباً عليه أو معاقباً. كل ذلك إنما يكون تابعاً لقصد المكلف وهدفه من وراء ذلك التصرف.
[ثالثا: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها]
١ - طلب العلم تختلف نتائجه باختلاف مقصد الشخص ونيَّته من ورائه، فمن كان قصده ونيته بطلبه العلم الشرعي، الدنيا ومتاعها كان طلبه العلم حراماً، وعوقب على ذلك بألا يرح رائحة الجنَّة (١).
ومن كان قصده من طلبه العلم ابتغاء وجه الله تعالى وامتثال أمره ونشر شريعته والتفقه في الدين والعمل به أثيب على طلبه ذلك أعظم الثواب.
٢ - والممسك عن الطعام إن كان إمساكه حِمية أو استجابة لأمر طبيب، أو لعدم حاجته للطعام فهو أمر مباح ولا ثواب، ولا عقاب، وأما إن كان إمساكه عن الطعام بقصد الموت جوعاً فهذا حرام وهو آثم. وأما إن كان إمساكه عن الطعام بنية الصوم الشرعي لله عزَّ وجلَّ فهو طاعة يثاب عليها.
٣ - ومن أهدى إلى آخر هدية؛ فإن كان كان الباعث له على تلك الهدية المحبة والمودَّة في الله عزَّ وجلَّ كان مثاباً على قصده، وأما إن كان قصده من وراء هديته إبطال حق أو إحقاق باطل فهذا رشوة، وهي حرام يعاقب عليها.
٤ - ومن رأيناه أعطى إنساناً مالاً فلا يجوز الحكم على ذلك الإعطاء
(١) الحديث في مجمع الزوائد ج ١ صـ ٤٣٩، حديث رقم ٨٦٦ عن معاذ رضي الله عنه وإتحاف السادة المتقين ج ١ صـ ٣٥٠ وقال في رواه عن معاذ شهر بن حوشب.