وجود الحقيقة أو عدمها، فالحكم يدور مع مظنّة الشّيء؛ لأنّ حقيقة الشّيء - في الأصل - غير منضبطة وغير متيقّنة، ولكي يبنى الحكم على قاعدة مستقرّة وعلّة منضبطة لا ينظر إلى حقيقة الشّيء الذي قامت مظنّته مقامه، وينظر القاعدة ٤٣٥ من قواعد حرف الميم.
ثالثاً: من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إذا رأينا رجلاً بيده سكّين يقطر منه الدّم، وبجانبه قتيل غارق في دمه، فإنّا نحكم على حامل السّكين أنّه هو القاتل. ولا نلتفت لاحتمال أن يكون القاتل غيره.
ومنها: إذا توضّأ إنسان أو تطهّر، ومضى على طهوره بضع ساعات، ثم شكّ في النّاقض، فإنّه يبني على غلبة ظنّه أنّه ما وجد ناقض.
ومنها: السّفر مظنّة المشقّة فلذلك أقيم مقامها في جواز القصر والجمع والفطر، وهو العلّة الظّاهرة، ولا يعتبر وجود المشقّة في السّفر أو عدم وجودها.
ومنها: النّوم ناقض للوضوء، لكن ليس بنفسه بل لأنّه مظنّة وجود الحدث، لحديث:"العين وكاء السّه فإذا نامت العينان استطلق الوكاء"(١).
فمن نام - وقد تيقّن أنّه لم يتلبس بناقض، فيجب عليه الوضوء لقيام النّوم مقام حقيقة النّاقض.
(١) الحديث رواه معاوية رضي الله عنه، وأخرجه أحمد والدارقطني رحمهما الله.