عن نفسه بقدر استطاعته، وإن لم يستطع دفع الظّلم أو رفعه فليس له إلا الصّبر والدّعاء وانتظار الفرج من عند الله، وليس له أن يظلم غيره من الناس أو غير ظالمه انتقاماً ممن ظلمه؛ لأنّه إذا فعل ذلك صار ظالماً بعد أن كان مظلوماً.
ثالثاً: من أمثلة هاتين القاعدتين ومسائلهما:
مَن سُرِق له شيء، ولم يعرف السّارق، فليس له أن يسرق غيره انتقاماً من الناس، فإنّه يصير مجرماً كالذي سرق منه.
ومنها: إذا دخل أحد المساجد ليصلي فسرق أحدهم حذاءه أو نعاله، فلا يجوز له أن يأخذ أي حذاء آخر ممّا هو عند باب المسجد؛ لأنّه في هذه الحال يكون هو وسارق نعله سواء، لكن إمّا أن يستعير نعلاً حتى يصل منزله، أو يمشي حافياً إلى بيته أو سيّارته، ويستعوض الله خيراً في حذائه.
ومنها: مَن قتل له قتيل، فليس له أن يقتل غير القاتل - إن كان القتل عمداً عدواناً - فإن قتل غير القاتل صار قاتلاً مستحقّاً للقصاص. وصار ظالماً بعد أن كان مظلوماً.
ومنها: من اضطر إلى العمل مع قوم براتب غير مجز وغير مكافئ - لصفة فيه تفاوتت لأجلها الرّواتب بغير وجه شرعي - مع أنّه ماهر في عمله مخلص في أدائه، فعليه أن يراعي الله عزّ وجلّ في عمله، ولا يقصّر فيه، ولا يخون - ويقول أعمل لقدر الرّاتب أو أخون انتقاماً - فذلك لا يجوز؛ لأنّه بعد أن كان مظلوماً أصبح ظالماً