ومفاد القاعدة الثانية: أنّه لا يغتفر ولا يتسامح في الابتداء ما قد يغتفر ويتسامح في الانتهاء والدّوام والاستمرار.
والاغتفار والتّسامح إنّما يكون لأسباب توجب ذلك.
ثالثاً: من أمثلة هاتين القاعدتين ومسائلهما:
الشّيوع في الهبة يمنع من صحّة الهبة ابتداءً؛ لأنّه يشترط في تمام الهبة القبض، والقبض في المشاع غير صحيح. لكن لو طرأ الشّيوع في القبض صحّت الهبة، وذلك كأن يهبه أرضاً أو داراً ثم يظهر مستحقّ لجزء منها.
ومنها: إذا جامع الصّائم فسد صومه. ولكن إذا كان مجامعاً وطلع عليه الفجر فنزع في الحال لم يفسد صومه.
ومنها: إذا أحرم وهو مجامع - في وجه ينعقد الإحرام صحيحاً، لكن لو استمرّ فسد نسكه وعليه البدنة، والقضاء، والمضي في فاسدة (١). وهذا المثال مفروض يتعذّر وجوده في الواقع. وفي هذا المثال اغتفر في الابتداء. لكن لو جامع وهو محرم فسد نسكه.
ومنها: نكاح الأمَةِ جائز عند الحاجة، لكن لو ملكها حَرُم عليه دوام النّكاح، ولهذا ينفسخ نكاحه؛ لأنّ ملك اليمين لا يجامع عقد النّكاح.