إذا قال لزوجته: أنت حرام. أو أنت بتَّة. فهذه الألفاظ وما شابهها يقع بها طلاق ثلاث - عند مالك رحمه الله وآخرين - ولا يجوز صرفها إلى أقلّ من ذلك؛ لأنّ اللفظ نُقل إلى العدد المعيَّن وهو الثّلاث، فصار من جملة أسماء الأعداد التي لا يدخلها المجاز، فلا تسمع فيها النّيَّة. فهذه مثل قول القائل: أنت طالق ثلاثاً. ويريد اثنتين. فلا تسمع نيَّته لا في القضاء ولا في الفتوى.
وأمّا عند الحنفيّة: فإنّما يسأل عن نيَّته؛ لأنّه تكلّم بكلام مبهم محتمل لمعان، (وكلام المتكلّم محمول على مراده)، ومراده إنّما يعرف من جهته. فإن نوى الطّلاق فهو طلاق. وإن نوى ثلاثاً فهو ثلاثاً. وإن نوى واحدة بائنة فهي واحدة بائنة (١). ومن هنا دخل هذا المثال تحت هذه القاعدة.
ومنها إذا قال: أنت طالق ثلاثاً. وأراد طلقت من الولد ثلاث مرّات. فتقبل نيّته في الفتيا لا في القضاء؛ لأنّه أدخل النّيَّة في اسم جنس الطّلاق فحوله لطلق الولد فدخل المجاز في الجنس لا في العدد. وذلك جائز.