فما كان معروفاً بين النّاس شائعاً بينهم فإنّه عند الإطلاق يعتبر هذا المعروف قيداً للإطلاق كأنّما نُصَّ عليه وشُرِط في العقد أو المعاملة أو التّصرّف أو اليمين.
وهذه القواعد تعبّر عن سلطان العرف العملي عند الفقهاء، ولذلك قالوا: إنّ ما تعارف عليه النّاس في معاملاتهم - وإن لم يذكر صريحاً - هو قائم مقام الشّرط في الالتزام والتّقييد.
ثالثاً: من أمثلة هذه القواعد ومسائلها:
إذا اشترى شيئاً ثقيلاً كالحديد أو الإسمنت أو الحجارة فإنّ إيصاله إلى محل المشتري على البائع عند الإطلاق، ما لم يُنَصّ في العقد على خلافه.
ومنها: إذا وكَّله في شراء لحم - والوكيل يعلم أنّه لا يأكل إلا لحم الضّأن - فاشتر له لحم بقر أو إبل، فإنّه لا يلزمه، ويلزم الوكيل ما اشتراه؛ لأنّ عرف الموكّل يقيّد إطلاقه، فكأنّه نَصَّ على لحم الضّأن واشترطه.
ومنها: من اشترى سيّارة جديدة دخل فيها عدّتها ومفاتيحها وعجلها الاحتياط دون ذكر في العقد للعرف المتداول والعادة الجارية.
ومنها: إذا وهبه هبة - وكانت العادة بتعويض الواهب عن هبته - ولم يعوّض الموهوب له الواهب، فإنّ للواهب الحقّ في الرّجوع في هبته. أو يبقى العوض ديناً في ذمّة الموهوب له كأن وهبه طعاماً فأكله.